ثم يذكر حديث أحمد أمين السابق.
وهذا الرأي يتبناه أيضا إبراهيم مصطفى فيقول : «ولكننا لا نستطيع أن نتقبل ذلك ـ أي وضع الإمام (عليهالسلام) للنحو ـ بيسر ، ولا أن نستسيغ أن هذا الزمن المبكر قد تمكن فيه العرب من الاشتغال بالعلوم ووضع القواعد على هذا الوجه الذي نراه في كتب العربية ، وقد أنكر ذلك المستشرقون وعدوه حديث خرافة» (٢٣).
ويقول عبد الكريم الدجيلي : «وفي وسعنا أن نقول : إن طبيعة العرب في صدر القرن الأول للهجرة لم تكن طبيعة تقسيم وتبويب وتعريف للجزئيات والأقسام والفصول ، ولا يقع في تفكير هذا الطبع الساذج ذلك الجدل النحوي ولا تلك المماحكات ، وإنما هو طبع بسيط ينظر للأمور عامتها لا خاصتها ، وكلياتها لا جزئياتها ، وهذا القول يتناسب وما ورد إلينا من التراث الثقافي لذلك العصر كتفسير بعض الآيات» (٢٤).
إذا فالمعاصرون يستبعدون هذه النسبة ـ نسبة وضع النحو للإمام (عليهالسلام) أو لأبي الأسود ـ : «لقرب العرب في عصر أبي الأسود من غضاضة البداوة ، إذ لا بد من وضع قواعد العلوم من مدارسة واصطلاح لم تهيأ لها عقول العرب بعد» (٢٥).
٢ ـ التأثر بالثقافات الأجنبية :
وهذا الاعتراض لا يقل أهمية عن الاعتراض الأول ، بل لعله يرتبط به ارتباطا وثيقا ، فيقول المعارضون : «إن ما جاء في التحديدات والتقسيمات من طبيعة منطقية أو فلسفية لم تكن تتناسب والعقلية العربية في ذلك الزمن ، وإنما
__________________
(٢٣) مجلة كلية الآداب : ١ ـ ٦.
(٢٤) مقدمة ديوان أبي الأسود : ٦٦.
(٢٥) مصطفى السقا ، نشأة الخلاف في النحو ، مجلة اللغة العربية ، ج ١ ص ٩٥.