٥ ـ التنقيط والنحو :
ويتوصل هؤلاء المعارضون المعاصرون بعد الاعتراضات ـ التي ذكرناها ـ إلى أن أبا الأسود لم يضع النحو ، بمعناه المصطلح الجديد ، بل الذي وضعه هو تحريك المصحف الشريف بالنقط ، كما أجمع على ذلك الباحثون من القدامى والمعاصرين ، وهذا الذي فعله أبو الأسود قد ظنه القدماء نحوا ، لذلك نسب إليه وضع النحو ، ويكاد يجمع ويتفق على هذه النتيجة كل المعارضين ، يقول أحمد أمين : «وعلى هذا فمن قال : إن أبا الأسود وضع النحو فقد كان يقصد شيئا من هذا ، وهو أنه وضع الأساس بضبط المصحف حتى لا يكون فتحة موضع كسرة ، ولا ضمة موضع فتحة ، فجاء بعده من أراد أن يفهم النحو على المعنى الدقيق ، فاخترع تقسيم الكلمة» (٣١).
ويقول الدجيلي : «فنحو أبي الأسود هو في الواقع تثبيت للنطق العربي حين قراءة القراءات وترتيل الآيات ، فهو إذا قد وضع الجذر للنحو العربي فبهذا الرأي المنطقي نرفض الروايات» (٣٢).
ويذهب إلى هذا الرأي إبراهيم مصطفى أيضا.
واضع النحو الأول
وبعد كل هذه الاعتراضات يحق لنا التساؤل ، إذا فمن هو واضع النحو الأول؟
هنا عدة إجابات للباحثين ـ من القدماء والمعاصرين ـ عن هذا التساؤل :
١ ـ إن النحو لم يضعه أبو الأسود ، بل وضعه بعض تلاميذه ، فبعضهم
__________________
(٣١) ضحى الإسلام ٢ / ٢٨٥.
(٣٢) مقدمة ديوان أبي الأسود : ٧٠.