يذهب إلى أن النحو قد وضعه عبد الرحمن بن هرمز (٣٣) تلميذ أبي الأسود ، أو ابن عاصم (٣٤) وهو تلميذه أيضا ، وهناك من يذهب إلى أن واضع النحو غيرهما.
٢ ـ إن النحو قد وضع قبل أبي الأسود ، وينفرد بهذا الرأي ابن فارس ـ كما هو رأيه في نشأة العروض ـ فيقول : «إن هذين العلمين قد كانا قديما وأتت عليهما الأيام وقلا في أيدي الناس ثم جدده هذان العلمان» (٣٥) ، ويقصد منهما أبو الأسود والخليل.
ولكن هذين الرأيين يفقدان عناصر الصحة والسلامة : فالرأي الأول لم يلتزم به إلا بعض قليل من المؤرخين ، وبعض هؤلاء الذين التزموا بهذا الرأي اعتبروا الرأي الصحيح والرئيس هو وضع أبي الأسود للنحو ، ونسبوا رأيهم هذا إلى كلمة (قيل) كدليل على ضعفه وقلة شأنه.
أما رأي ابن فارس ، فهو لا يعتمد على سند تاريخي أولا ، ولا يؤيده أحد من القدماء والمعاصرين ـ كما أعلم ـ ثانيا ، وعدم وجود الروايات التي تدعمه.
إذا فنبقى نحن وهذه الروايات التي تنسب وضع النحو للإمام ـ عليهالسلام ـ أو لأبي الأسود ، لنبحث عن مدى ثباتها تجاه الاعتراضات الموجهة لها ، ومدى توافقها للموازين النقدية والعلمية.
مناقشة الاعتراضات
المناقشة العامة :
وقبل أن نناقش كل اعتراض من الاعتراضات بصورة مستقلة ، يجدر بنا أن تقول بأن بعض المعاصرين ناقش هذه الاعتراضات بصورة عامة ، يقول كمال إبراهيم عن اعتراضات المعارضين : «وهذه كلها أقاويل واجتهادات لا تقوم على
__________________
(٣٣) أخبار النحويين البصريين : ١٦.
(٣٤) أخبار النحويين البصريين : ١٥.
(٣٥) نقلا عن تأسيس الشيعة : ٤٠.