سند يعتد به ، والروايات التي هي أقرب إلى عهد الوضع هي الأحرى بالأخذ والثقة بها» (٣٦).
ويستغرب الطنطاوي من مثل هذا التشكيك والتكذيب من المعاصرين في نسبة النحو للإمام ـ عليهالسلام ـ أو لأبي الأسود فيقول : «فمن الغريب بعدئذ أن يستنكر المستشرقون هذه النسبة المتواطأ عليها قديما وحديثا» (٣٧).
فهذه الاعتراضات ، هي أقرب إلى الفروض التي لم تبلغ مستوى النظرية والجزم العلمي في مقابل التواتر والإجماع الذي بلغ مستوى الجزم العلمي ، فهي أقرب إلى السفسطة في مقابل الواقع الراهن ، فهذه الاعتراضات هي من قبيل الاجتهادات في مقابل النص ، فمع وجود هذه الروايات والنصوص الكثيرة وإجماع القدماء ـ المقاربين في زمانهم لزمان أبي الأسود على وضعه للنحو ـ فلا مجال لكل هذه الاجتهادات والافتراضات والسفسطات ، والاعتراضات المشككة لوضع أبي الأسود للنحو حتى لو تلبست بلباس البحث العلمي.
مع الاعتراض الأول
علم الإمام المعصوم :
الاعتراض الأول يدفعنا إلى الخوض في بحوث عقائدية كلامية تدور حول علم الإمام المعصوم ، وحول الإمام علي ـ عليهالسلام ـ حيث يطفح «نهج البلاغة» بمثل هذه التقسيمات والمصطلحات والأفكار المنطقية والفلسفية وغيرها من المعارف السامية التي لم تفتض أسرارها ولم تكشف رموزها وكنوزها إلا بعد مرور مراحل زمنية طويلة ، بعد ارتقاء الفكر البشري وثراء معلوماته ، وربما ستمر أجيال طويلة بعد ذلك ولا يتوصل إلى عمق أسرارها ومعطياتها الزاخرة.
والملاحظ في هذا المجال أن الشبهات والاعتراضات التي يثيرها البعض
__________________
(٣٦) مجلة البلاغ ، واضح النحو الأول ، العدد ٨ ، ص ١٨.
(٣٧) نشأة النحو : ٢٠.