٢ ـ خطورة اللحن :
ونتيجة لذلك أخذ الإمام ـ عليهالسلام ـ يشعر بخطورة اللحن وقد ظهر في هذا المجال عامل جديد ، يعتبر أهم العوامل التي دفعت الإمام ـ عليهالسلام ـ إلى التفكير في وضع قواعد للغة ـ أي النحو ـ وهو العامل الديني ، أي الاحساس بخطورة هذا اللحن على التشريع الإسلامي والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، فإن اللحن في القرآن الكريم له أخطاره الكبيرة في مجال فهم الأحكام الشرعية ، حيث يؤدي اللحن إلى غموض معانيه كما يقول ابن خلدون في مجال تأثير اللحن : «وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد الملكة رأسا ويطول العهد بها فينغلق القرآن والحديث على الفهوم» (٤٥).
ويقول أبو عبد الله الزنجاني : «وحدثت عدة حوادث نبهتهم إلى النهوض إلى صيانة القرآن الذي هو أساس الدين وحفاظ الإسلام من أن يطرق اللحن عليه» (٤٦).
وقد شاع اللحن في قراءة القرآن الكريم آنذاك فينقل السيرافي أن أبا الأسود : «سمع قارئا يقرأ : إن الله برئ من المشركين ورسوله» (٤٧) بالكسر ، وقال ابن الأنباري : «وروي أن سبب وضع علي لهذا العلم أنه سمع أعرابيا يقرأ : لا يأكله إلا الخاطئين» (٤٨) حيث صرحت هذه الرواية بأن السبب الرئيس في وضع النحو هو السبب الديني ، بل إن العامل الديني هو العامل الرئيس في وضع علماء المسلمين لأكثر علومهم أيضا ، بل ربما كانت العوامل الأخرى داخلة ضمن العامل الديني كما صرح بهذا الدافع ابن خلدون وغيره.
__________________
(٤٥) مقدمة ابن خلدون : ٥٠٢.
(٤٦) تاريخ القرآن : ٨٧.
(٤٧) نزهة الألباء : ٣.
(٤٨) نزهة الألباء : ٣.