إذا فلأجل الحفاظ على نصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أن تتعرض للتغيير والتبديل ، ولسوء الفهم وعدم القدرة على فهمها ، وعدم التمكن من استخراج الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية بصورة صحيحة ، كل ذلك حفز الإمام ـ عليهالسلام ـ لوضع النحو ، لأنه خليفة المسلمين ، والذي عليه مهمة الحفاظ على الإسلام والقرآن الكريم لكل الأجيال.
٣ ـ محاربة اللحن :
فكان على الإمام ـ عليهالسلام ـ أن يحارب هذا الخطر الجديد باعتباره خليفة المسلمين وإمامهم وعلى عاتقه مهمة الحفاظ على القرآن الكريم والأحاديث الشريفة من الخطأ واللحن ، وكان يشاركه في هذا الشعور أبو الأسود الذي كان يشعر باللحن ـ كما ذكرنا ذلك في الرواية السابقة ـ وكان يعتبر المستشار في الكثير من القضايا اللغوية ـ آنذاك ـ لدى الخلفاء والولاة ، والذي تعرف على مدى شيوع اللحن على الألسنة ومدى خطورته الدينية واللغوية ، وكان الدافع لأبي الأسود هو الدافع الديني ، لذلك قام بتنقيط المصحف الشريف دون سواه ، ولم يتحرك إلا حين شعر بالخطر المحدق بالمصحف الشريف ، ولكن هذا العمل ـ رغم أهميته ـ لا يؤدي هذه الوظيفة بصورة تامة ، لذلك اندفع الإمام ـ عليهالسلام ـ وأبو الأسود إلى التفكير جديا في محاربة هذا الوباء الزاحف ومعالجته ، وذلك بوضع النحو الذي يتكفل بهذه المهمة الخطيرة ، فإن علم النحو هو الذي يمكنه القضاء على هذا المرض الذي أخذ يشيع في الأمة الإسلامية ، وأما التنقيط فإنه وإن كان يشكل جزءا لا ينفصل عن هذه المهمة التي تبناها الإمام ـ عليهالسلام ـ وكلف بها أبا الأسود ـ بعد أن مهد له السبيل ـ ولكنه لا يمكنه معالجة اللحن بصورة تامة كعلم النحو ، كما سنرى ذلك.
وأما الاعتراض بأن تلك الفترة ـ عصر الإمام (عليهالسلام) ـ لم تكن تسمح بظهور مثل هذه المصطلحات والأفكار الفلسفية والتقسيمات والتعريفات