نقلناه من المشترك.
الفصل العاشر في الخطّ (١)
وهو مرتّب على قسمين الأول : في حدّ الخطّ وما جاء منه على الأصل.
والثاني : في أشياء جاءت خارجة عن الأصل.
القسم الأول
في حدّ الخطّ وما جاء منه على الأصل المقرر
فنقول : أمّا الخطّ (٢) فهو تصوير اللّفظ المقصود تصويره بحروف هجائه ، كما إذا قيل : اكتب زيدا ، فإنّما تكتب مسمّى الزاي والياء والدّال وهو هذه الصورة أعني زيد لأنّ الصورة هي مسمّى هذه الحروف ، فإذا قيل : اكتب شعرا مع قرينة لفظه كتبت صورته وإلّا ما ينطلق عليه الشّعر (٣) وكذلك إذا قيل : اكتب جيم عين فاء راء فإن قصد تصوير مسمّى هذه الحروف فإنّما تكتب جعفر ، وإن قصد تصوير أسماء حروف جعفر دون مسمّاها كتبت جيم عين فاء راء ، ولذلك خطّأ الخليل (٤) لمّا سألهم كيف تنطقون بالجيم من جعفر فقالوا : جيم ، فقال : إنّما نطقتم باسم المسؤول عنه لا بالمسؤول عنه والجواب : جه ، لأنّه مسمّى الجيم ، فإن سمّي بحرف الهجاء مسمّى آخر كما لو سمّي رجل أو السورة بياسين جاز أن تكتب على صورة أسماء الحروف نحو : ياسين وجاز أن تكتب على صورة مسمّى الحروف نحو : يس.
والأصل (٥) في كلّ كلمة أن تكتب بصورة لفظها بتقدير الابتداء بها والوقوف عليها ، وهو أصل معتبر في الكتابة والخطّ مبنيّ عليه.
__________________
(١) ألفينا أبا الفداء في هذا الفصل شارحا لما ورد في شافية ابن الحاجب حول الخط والإملاء.
(٢) الشافية ، ٥٥١.
(٣) أي إذا قيل : اكتب شعرا فإن قامت قرينة تدل على أن المقصود لفظ شعر كتبت هذه الصورة شعر وإلا فمقتضاه أن تكتب ما ينطلق عليه الشعر. شرح الشافية ، للجاربردي ، ١ / ٣٧١.
(٤) في الشافية ، ٥٥١ : ولذلك قال الخليل ...
(٥) الشافية ، ٥٥١ ـ ٥٥٢.