قال ابن حجر المكي : «روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به» (٢).
وقال أبو الصلاح : «أول من صنف في الصحيح : البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ، ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه ، وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز» (٣).
وقال الجلال السيوطي : «وذكر الشيخ ـ يعني ابن الصلاح ـ أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته ، والعلم القطعي حاصل فيه. قال : خلافا لمن نفى ذلك ، محتجا بأنه لا يفيد إلا الظن ، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ ، قال : وكنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ، ثم بان لي أن الذي اخترناه أولا هو الصحيح ، لأن ظن من هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها ، وقد قال إمام الحرمين : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في الصحيحين ـ مما حكما بصحته ـ من قول النبي [صلىاللهعليهوآله] ألزمته الطلاق ، لإجماع علماء المسلمين على صحته.
قال المصنف : وخالفه المحققون والأكثرون فقالوا : يفيد الظن ما لم يتواتر. قال في شرح مسلم : لأن ذلك شأن الآحاد ، ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما ، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه ، بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتى ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيح ، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي [صلىاللهعليهوآله]. قال : وقد اشتد إنكار ابن برهان على من قال بما قاله
__________________
(٢) الصواعق المحرقة : ٥.
(٣) علوم الحديث لأبي الصحاح. وعنه في مقدمة فتح الباري : ٨.