انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم ، فقال الذهلي يوما : ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا ، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس ، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر حمال ، وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.
قال : وسمعت محمد بن يوسف المؤذن : سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول : حضرت مجلس محمد بن يحيى ، فقال : ألا من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحصر مجلسنا ، فقام مسلم بن الحجاج عن المجلس ، رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب ، فزاد : وتبعه أحمد بن سلمة.
قال أحمد بن منصور الشيرازي : سمعت محمد بن يعقوب الأخرم ، سمعت أصحابنا يقولون : لما قام مسلم وأحمد بن سملة من مجالس الذهلي قال : لا يساكنني هذا الرجل في البلد. فخشي البخاري وسافر» (٢١).
وترجم له الخطيب فقال : «كان أحد الأئمة والعارفين والحفاظ المتقنين والثقات المأمونين ، صنف حديث الزهري وجوده ، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدث بها ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله ، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله : «كان أمير المؤمنين في الحديث» (٢٢).
والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم مما كان منه في حقه ، لكن مع تدليس في اسمه ، قال الذهبي : «روى عنه خلائق منهم ... محمد بن إسماعيل البخاري ، ويدلسه كثيرا ، لا يقول : محمد بن يحيى ، بل يقول : محمد فقط ، أو محمد بن خالد ، أو محمد بن عبد الله ينسبه إلى الجد ويعمي اسمه لمكان الواقع بينهما» (٢٣).
__________________
(٢١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٠ ، هدى الساري في مقدمة فتح الباري ٢ / ٢٦٤.
(٢٢) تاريخ بغداد ٣ / ٤١٥.
(٢٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٧٤.