سموا ثلاثين يوما «ماه» ، والحجة لما قلناه قول ذي الرمة (١٥).
فأصبح أجلى الطرف ما يستزيده |
|
يرى الشهر قبل الناس وهو بخيل |
وقال كثير (١٦) :
تراءوا على ماوية الفجر غدوة |
|
وقد محقق الشهر المبين ما حق |
والهلال إذن هو المقدم والهلال نور ، وذلك دليل على أن النور قبل الظلمة.
وبعد فإنا رأينا ذوي الإحساس وأكثر الناس ، يجزعان من الليل ، لا بل يلومونه ويذمونه ويكرهونه ويتشكون طوله ، قال امرؤ القيس (١٧) :
__________________
(١٥) غيلان بن عقبة بن نهيس من مسعود العدوي ، من مضر ، أبو الحارث : شاعر ، من فحول الطبقة الثانية في عصره ، ولد في سنة ٧٧ ه ، وكان شديد القصر ، دميما ، يضرب لونه إلى السواد ، أكثر شعره تشبيب وبكاء وأطلال ، يذهب في ذلك مذهب الجاهلين وكان مقيما بالبادية ، يحضر إلى اليمامة والبصرة كثيرا ، قال أبو عمرين بن العلاء : فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة ، له ديوان شعر مطبوع في مجلد ضخم ، توفي بأصبهان وقيل : بالبادية سنة ١١٧ ه. «وفيات الأعيان ٤ : ١١ / ٥٢٣ ، الأغاني ١٨ : ٣ ، خزانة الأدب ١ : ٥٠ ، الأعلام ٥ : ١٢٤».
(١٦) كثير بن عبد الرحمن الأسود بن عامر الخزاعي ، أبو صخر ، شاعر متيم مشهور ، من أهل المدينة ، يقال له : «ابن أبي جمعة» و «كثير عزة» و «الملحي» نسبة إلى بني مليح وهم قبيلته ، وكان مفرط القصر دميما ، ويذهب المؤرخون إلى أنه كان شيعيا ، وروي أنه دخل على عبد الملك بن مروان فسأله عن شي فأخبره به ، قال : لا أسألك إلا بحق أبي تراب ، فحلف له به فرضي.
قال المرزباني : كان شاعر أهل الحجاز في الإسلام لا يقدمون عليه أحدا.
وأخباره مع عزة بن جميل الضمرية كثيرة ، وكان عفيفا في حيه لها.
توفي بالمدينة سنة ١٠٥ ه ، وقيل ١٠٧ ه.
«الأغاني ٩ : ٣ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٠٦ / ٥٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ١٥٢ / ٥٤ ، عيون الأخبار ٢ : ١٤٤ ، العبر في خبر من غير ١ : ١٠١ ، العقد الفريد ٢ : ٢٤٦ ، شذرات الذهب ١ : ١٣١ ، الأعلام ٥ : ٢١٩».
(١٧) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، من بني آكل المرار ، أشهر شعراء العرب على الإطلاق ، يماني الأصل ، مولده بنجد ، أو بمخالف السكاسك باليمن ، اشتهر بلقبه ، واختلف المؤرخون في اسمه ، فقيل : حندج ، وقيل : مليكة ، وقيل : عدي ، وهو من أصحاب المعلقات السبع ، والأبيات المذكورة في المتن قطعة من معلقته التي مطلعها :
قفا بنك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللوى بين الدخول فحومل |
ويعرف امرؤ القيس بالملك الضليل ، لاضطراب أمر طول حياته ، وذي القروح ، لما أصابه من قروح ظهرت في جسده ، وهو في أنقرة حيث أودت بحياته هناك حوالي سنة ٨٠ قيل الهجرة.
«الأغاني ٩ : ٧٧ ، خزانة الأدب ١ : ١٦٠ ، الأعلام ٢ : ١١».