النهار ، والصلاة من أشرف العبادات ، ولم ينه عن الصلاة في شئ من ساعات الليل ، فهذي فضيلة لليل وليست النهار.
وبعد ، فإن النعمة على الإخوان المتقاربي المنازل ، متعتهم بمجالسة الليل على امتداده ، وأنه ربما نفد الليل ولم يشعروا بنفاده ، ولم يقضوا وطرهم من سرور الاجتماع فيه.
قالوا : ومن فضائل الليل التهجد التي أقر (٥٤) الله جل وعز نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : (ومن الليل فتهجد به) (٥٥).
ثم مدح صالحي عباده فقال : (والمستغفرين بالأسحار) (٥٩). وقال في طبقة أرفع من هؤلاء : (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) (٥٧).
ووصف جل ثناؤه ضروب التهجد فقال : (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) (٥٨).
وأنشدني أبي (٥٩) رحمهالله :
__________________
الحية ولد غته في احتطابه ليلا ، فكذلك المكثار ربما يتكلم بما فيه هلاكه ، يضرب للذي يتكلم بكل ما يهجس في خاطره.
قال الشاعر :
إحفظ لسانك أيها الإنسان |
|
لا يقتلنك ، إنه ثعبان |
كم في المقابر من قتيل لسانه |
|
كانت تخاف لقاءه الأقران |
«مجمع الأمثال ٢ : ٣٠٤».
(٥٤) كذا في الأصل ، ولعل الصواب : أمر.
(٥٥) الإسراء : ١٧ : ٧٩.
(٥٦) آل عمران : ٣ : ١٧.
(٥٧) الذاريات ٥١ : ١٧.
(٥٨) الزمر ٣٩ : ٩.
(٥٩) فارس بن زكريا ، والد المؤلف ، كان فقيها شافعيا وعالما بفنون العلوم ، روى عنه الأئمة ومات ببغداد سنة ٣٦٩ ه. وقد روى عنه ولده أحمد كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت ، وروى عنه كثيرا في مختلف كتبه ، وسمع عنه بقزوين.
«مقدمة مجمل اللغة ١
: ١٦ وفي ذيله : طبقات ابن الصلاح : ٧٣ أ ، طبقات الاستوي ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ،