قال صاحب النهار :
بالليل تدب الهوام ، وتثور السباع ، وتنتشر الخراب ، وتكبس الأحياء ، وتشن الغارات ، ولذلك قيل : الليل أخفى للويل (٦٥).
ولذلك استعاذوا بالله عزوجل من الأيهمين ، وهما السيل والليل ، ويقال : الأعميان.
ومما يذم به الليل تشبيه الله عزوجل وجوه أعدائه به فقال : (كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) (٦٦).
وكان الحسن (٦٧) يقول : ما خلق الله خلقا أشد سوادا من الليل. وقال الله عزوجل : (ومن شر غاسق إذا وقب) (٦٨) وهو الليل إذا أظلم. قال : فهذا هذا.
ثم من الحجة في فضل النهار على الليل افتخار العرب بالأيام دون الليالي فقالوا في مغاراتهم وحروبهم : يوم خزازى ، ويوم ذي قار ، ويوم حف (٦٩) ، ويوم كذا ويوم كذا ، ولم يذكروا مثل ذلك في الليالي.
قال عمرو بن كلثوم (٧٠) :
__________________
(٦٥) مثل سائر ، بمعنى إفعل ما تريد ليلا فإنه أستر لسترك ، أول من قاله سارية بن عويمر بن عدي العقيلي ، وسرد الميداني قصة المثل كاملة. أنظر : «مجمع الأمثال ٢ : ١٩٣ / ٣٣٤١».
(٦٦) يونس ١٠ / ٢٧.
(٦٧) هو الحسن بن يسار البصري ، تابعي ، كان إمام أهل البصرة ، وأحد العلماء الفقهاء الفصحاء ، ولد بالمدينة سنة ٢١ ه ، وتوفي بالبصرة سنة ١١٠ ه ، أخباره كثيرة ، وله كلمات سائرة.
«الطبقات الكبرى ٧ : ١٥٦ ، حلية الأولياء ٢ : ١٣١ / ١٧٠ ، وفيات الأعيان ٢ : ٦٩ / ١٥٦ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٤٨٨ ، ميزان الاعتدال ١ : ٥٢٧ / ١٩٦٨ ، العبر ١ : ١٠٣ ، شذرات الذهب ١ : ١٣٦ ، الأعلام ٢ : ٢٢٦».
(٦٨) الفلق ١١٣ / ٣.
(٦٩) كذا.
(٧٠) عمرو بن كلثوم
بن مالك بن عتاب ، من بني تغلب ، أبو الأسود ، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ، ولد