وأما الأذن فاحفظها أن تصغي بها إلى بدعة أو فحش أو غيبة أو خوض في الباطل أو ذكر مساوئ الناس ، فإنها إنما خلقت لك لتسمع كلام الله تعالى وسنة رسوله صلىاللهعليهوآله وأوليائه وتتوصل باستفادة العلم بها إلى الملك المقيم والنعيم الدائم.
وأما اللسان فإنه خلق لذكر الله وتلاوة كتابه العزيز وإرشاد خلق الله إليه وإظهار ما في الضمير من الحاجات للدين والدنيا ، فإذا استعمل في غير ما خلق له فقد كفر به نعمة الله تعالى ، وهو أغلب الأعضاء على سائر الخلق لأنه منطلق بالطبع ولا مؤونة عليه في الحركة ، ومع ذلك فجنايته عظيمة بالغيبة والكذب وتزكية النفس ومذمة الخلق والمماراة وغير ذلك من آفاته ، ولا يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (٣٦) فاستظهر عليه بغاية قوتك حتى لا يكبك في جهنم ، ففي الحديث : «إن الرجل ليتكلم بالكلمة فيهوي بها في جهنم سبعين خريفا» (٣٧) وروي أن رجلا قتل شهيدا في المعركة فقاتل قائل : هنيئا (٣٨) له الجنة ، فقال صلىاللهعليهوآله : «ما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه» (٣٩).
وأما البطن فكلفه ترك الشرة واحرص على أن تقتصر من الحلال على ما دون الشبع ، فإن الشبع يقسي القلب ويفسد الذهن ويبطل الحفظ ويثقل الأعضاء عن (٤٠) العبادة ويقوي الشبهات (٤١) وينصر جنود الشيطان ، والشبع من الحلال مبدأ كل شر ، وهكذا تتفقد باقي جوارحك فطاعاتها ومعاصيها لا تخفى.
وأما ما يتعلق بالقلب فهو كثير وطرق تطهيره من رذائلها طويلة ، سبيل
__________________
(٣٦) هذه الجملة حديث نبوي مروي في : إحياء علوم الدين ٣ / ١٠٩.
(٣٧) الجامع الصغير ، ج ١ حرف الهمزة ، وشرحه : فيض القدير ٢ / ٣٣٦ الحديث ١٩٨٣.
(٣٨) في نسخة : هيئ.
(٣٩) إحياء علوم الدين ٣ / ١١٢.
(٤٠) في نسخة : على.
(٤١) ظاهرا : الشهوات.