إن ذلك يحقق جزء من الهدف الأساسي من الدعاء ، فلا نشك أن ما ورد من الأدعية المأثورة فيها آثار من مقام قربهم ، ونفحات من قدس أنفاسهم ، وجذبات من صفاء نفوسهم ، يفقدها الداعي لو ابتعد عنها ويبتعد عن مقصوده لو تركها.
٤ ـ دعوة إلى ضبط الأدعية وتحقيق كتبها :
ومن مجموع ما ذكرنا تتبين صحة ما ذكره المحدث الفقيه صاحب العالم من أن الاختلاف الذي يقع ويكثر في متون الأخبار الواردة بمجرد الأحكام ربما كان العذر فيه تسويغ الرواية بالمعنى ، وعدم انتهاء الاختلاف إلى الحد الذي يحصل به الاضطراب فيه.
وأما ما يتضمن نقل الدعوات والأذكار المأثورة ، فأي عذر للتسامح فيه ، والتقصير في ضبطه (٢٨).
نعم ، إن الأمانة الروحية تدعونا أي المحافظة على الدعاء المأثور وضبطه وحفظه عن التحريف واللحن ، فإن الدعاء من أفضل نعم الله التي ألهمها الإنسان.
وكذلك الأمانة العلمية تلزمنا المحافظة على النصوص الواردة وضبطها ، فالأخبار التي ذكرناها تدل بوضوح على عدم جواز اللحن في الدعاء ، كما تدل على لزوم الاحتفاظ بنصه كما ورد.
وأعتقد : أن ذلك يؤكد ضرورة التحقيق في كتب الدعاء لتقديم نصوص مضبوطة موثوقة للأدعية ، كي تبلغ الأمة بتلاوتها ما ينشد منها من الآثار الروحية والمعنوية ، وتبلغ المقام المحمود الذي وعده الله للداعين.
مضافا إلى ما فيها من متعة تراثية حيث أن عشرات الكتب قد ألفت في
__________________
(٢٨) منتقى الجمان ٣ / ٢٥٨.