(لمع الأدلة) ثم جلال الدين السيوطي (ـ ٩١١ ه) في كتابه (الاقتراح) ، ولم أعثر ، في حدود جهدي ، على كتب لقدماء النحاة تعنى بهذه الأصول غير ما ذكرت (٣).
وقد كان لمنهج البحث الأصولي أثره الكبير في منهج البحث النحوي في كل من الناحيتين : تشخيص الأدلة ... وأوجه دلالتها. وربما علل بعض النحويين ذلك : بأن (النحو معقول من منقول ، كما أن الفقه معقول من منقول) (٤).
لذلك نجد في تشخيصهم لأدلة النحو نفس ما وجدناه عند الأصوليين من : النص (السماع) ، والقياس ، والإجماع ، والاستحسان ، والاستصحاب ، وغيرها. وفي أوجه دلالتها نراهم يبحثون ـ كما يبحث الأصوليون ـ في : طرق حمل النص ، وثقة النقلة والرواة (٥) ، وعن التواتر والآحاد ، والمرسل ، والمجهول ، وشروط ذلك (٦) ، كما يتحدثون عن إجماع أهل العربية ، ومتى يكون حجة ، ومتى تجوز مخالفته (٧) ، وعن أنواع من الاجماع أخرى ، كإجماع العرب ، والإجماع السكوتي ، وإحداث قول ثالث (٨).
وتكلموا عن أقسام القياس : قياس العلة ، وقياس الشبه ، وقياس الطرد (٩). وعن أركانه الأربعة من : أصل ، وفرع ، وحكم ، وعلة ، وشروط هذه الأركان (١٠). ولأن ابن جني كان حنفيا ، والأحناف يعتبرون العلة هي ركن
__________________
(٣) أما (أصول ابن السراج) فإن كلمة (الأصول) فيه أشبهت بعض الباحثين فاعتبره من نوع هذه الكتب ، وهو ليس منها ، ولعل كلمة الأصول هنا تعني القواعد النحوية ، لا الأدلة التي تنبني عليها القواعد ، وما في أصول ابن السراج لا يتعدى النحو الاعتيادي في الغالب.
(٤) نزهة الألباء ـ لابن الأنباري ـ : ٥٤ ، والأشباه والنظائر ـ للسيوطي ـ ١ / ٥.
(٥) الخصائص ـ لابن جني ـ ٣ / ٣٠٩.
(٦) لمع الأدلة ـ لابن الأنباري ـ : ٣٢ ـ ٤٠.
(٧) الخصائص ١ / ١٨٩.
(٨) الاقتراح ـ للسيوطي ـ ٣٤ ـ ٣٦.
(٩) لمع الأدلة : ٥٣ ـ ٦٠.
(١٠) الاقتراح : ٣٩ ـ ٥٠.