الأربعة : ـ الأصل والفرع والعلة والحكم ـ ولكن كيف أعقل أن تكون شروط هذه الأركان نفس الشروط ، وقواعدها نفس القواعد ، ومسالك العلة نفس المسالك ، وقوادحها نفس القوادح!!؟ مع اختلاف طبيعة (الأصل) وطبيعة (الحكم) الذي يبنى عليه كما تقدم بيان ذلك.
ولأضرب مثلا لذلك ب (مسالك العلة) أي الطرق التي نستطيع بها تشخيص علة الحكم.
وهذه الطرق عند الأصوليين نوعان :
نوع مقطوع بدلالته ، لأن تشخيص العلة جاء من قبل الشارع ، وذلك : بنص الشارع على العلة ، أو إيمانه إليها ، أو قيام الاجماع على أن العلة كذا.
ونوع دلالته على العلة ظنية ، لأن الشارع لم يشر إليها ، وإنما استنبطها الفقيه بطرقه الظنية ، كالمناسبة ، والشبه ، والطرد ، والدوران ، والسبر والتقسيم.
وهذه المسالك ـ بنوعيها ـ هي ما ذكروه للقياس النحوي (٤٤).
وملاحظاتنا على المسألة القياسية في ذلك ما يأتي :
١ ـ النص على العلة :
قد يكون النص على العلة من قبل الشارع ، أو الايماء إليها ممكنا ، لأن الأحكام الشرعية قوانين يراد بها تنظيم علاقات الأفراد والمجتمعات ، ولا بد أن تكون مبنية على أسباب ، ولأن نصوص الشارع فيها متوفرة في كتاب الله وسنة نبيه ، وفي بعضها يذكر الشارع حكمه في الحادثة ، ويريد أن يعرف المكلفين بالوجه الذي من أجله شرع لهم هذا الحكم ، فينص على العلة أو يومئ إليها ، كقوله تعالى : (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) و (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ...) و (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وكقول رسوله صلىاللهعليهوآله : (إنما نهيتكم عن لحوم الأضاحي لأجل الدافة) و (من أحيا ميتة فهي له) وأمثال ذلك.
__________________
(٤٤) أنظر : الاقتراح : ٥٨ ـ ٦٣.