الفرزدق ، وتجنب الاعتراف إما لعدم اهتمامه ، أو اعتمادا على اعتراض غيره ، كما سكت معاصرو عبد الله بن أبي إسحاق حين اعترض الفرزدق ، وخطأه بقوله :
مستقبلين شمال الشام تضربنا |
|
بحاصب من نديف القطن منثور |
على عمائمنا تلقى وأرجلنا |
|
على زواحف تزجى مخها رير |
فقال : إنما هي (رير) بالضم ... ثم حاول أن يصلح له البيت : (على زواحف نزجيها محاسير) (٧٨) أو لعلهم سكتوا خوفا من لسان الفرزدق لأنه هجا ابن أبي إسحاق حين اعترضه :
ولو كان عبد الله مولى هجوته |
|
ولكن عبد الله مولى مواليا (٧٩) |
وهذه الاحتمالات ، أو أكثرها واردة على الحادثة وأمثالها ، ومع ورودها لا يمكن التحقق من أن قول الفرزدق بلغ كل العرب ، وأنهم حين بلغهم سكتوا ولم يعترضوا ، وأن سكوتهم كان عن رضى بقوله ، حتى يتم هذا الاجماع!!
٤ ـ أن الفرزدق ممن يحتج بأقوالهم عادة ، وتكلف الاجماع على مثله ـ سكوتيا أو غير سكوتي ـ ضرب من العبث لا طائل تحته ، على أن (ما) هنا تسمى (الحجازية) ، ولا بد أن الفرزدق نطق بها على لغتهم ، لأنهم هم الذين يعملونها ، والتميميون يخالفون في ذلك ، فيكف يعتبر سكوتهم عن رضى ، لنكون بذلك إجماعا!
٤ ـ الاستحسان
والاستحسان من أدلة الحنفية ، وقد رده الشافعي وكتب فيه (إبطال الاستحسان) ولذلك لم يعتبره الأنباري والسيوطي من أدلة النحو ، لأنهما شافعيان!! ومن تعاريفه عند الحنفية أنه : (ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس) (٨٠) على أساس أن العلة القياسية ـ وإن كانت ظاهرة ـ إلا أن العمل بها
__________________
(٧٨) الشعر والشعراء ـ لابن قتيبة ـ : ٣٥.
(٧٩) الشعر والشعراء ـ لابن قتيبة ـ : ٣٥.
(٨٠) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٠ / ١٤٥.