الرجالة حرقوص بن زهير السعدي ، ثم تنادوا : الرواح الرواح إلى الجنة! فشدوا على الناس والخيل أمام الرجال ، فلم تثبت خيل المسلمين لشدتهم ، وافترقت الخيل فرقتين ، فرقة نحو الميمنة وأخرى نحو الميسرة ، وأقبلوا نحو الرجال فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل ، وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف ، فوالله ما لبثوهم أن أناموهم ، ثم إن حمزة بن سنان ـ صاحب خيلهم ـ لما رأى الهلاك نادى أصحابه أن انزلوا ، فذهبوا لينزلوا فلم يتقاروا حتى حمل عليهم الأسود بن قيس المرادي وجاءتهم الخيل من نحو علي فأهمدوا في الساعة (٢٩).
٤ ـ وقد روى جماعة أن عليا كان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج أن قوما يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد. سمعوا ذلك منه مرارا ، فلما خرج أهل النهروان سار بهم إليهم علي ، وكان منه معهم ما كان ، فلما فرغ أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج ، فالتمسوه ، فقال بعضهم : ما نجده حتى قال بعضهم : ما هو فيهم ، وهو يقول : والله إنه لفيهم ، والله ما كذبت ولا كذبت ، ثم إنه جاءه رجل فبشره ... وقيل (إنه) خرج في طلبه ... فوجده في حفرة على شاطئ النهر في خمسين قتيلا ... فلما رآه قال : الله أكبر ، ما كذبت ولا كذبت (٣٠).
ه ـ المؤامرة :
١ ـ حدثني عباس بن هشام الكلبي ، عن أبيه ، عن لوط ، أن يحيى وعوانة ـ ابنا الحكم ـ وغيرهما قالوا : اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج بمكة ، وهم عبد الرحمن ابن ملجم الحميري ... والبرك بن عبد الله التميمي ، وعمرو بن بكير ، وتذاكروا أمر إخوانهم الذين قتلوا بالنهروان ... فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن علي بن أبي طالب
__________________
(٢٩) تاريخ الأمم والملوك ٥ / ٨٥ ، ومثله في الكامل ٣ / ٣٤٦.
(٣٠) الكامل ـ لابن الأثير ـ ٣ / ٣٤٧.