يكون أصل استعمال الكنية عند العرب لإخفاء أسمائهم ، لأنهم كانوا أمة قبلية تعيش حالات الحروب والغارات ، فربما اتخذوا الكنى ـ في بداياتها ـ ليخفوا وراءها شخصياتهم المعروفة ـ عادة ـ بالأسماء ، ثم تبلورت إلى أداة معبرة عن الأشخاص ، وتميزت بخصوصيات أخرى.
ويؤيد هذا الاحتمال : أن اللغويين فسروا الكنية بالستر ، كما سيجئ.
٢ ـ حقيقة الكنية :
قال الجرجاني : الكنية : ما صدر بأب أو أم أو ابن أو بنت (٣).
وقال الشيخ الرضي : الكنية هي : الأب ، أو الأم ، أو الابن ، أو البنت ، مضافات ، نحو : أبو عمرو ، وأم كلثوم ، وابن آوى ، وبنت وردان (١).
وقال ابن الأثير : لما كان أصل الكنية أن تكون بالأولاد ، تعين أن تكون بالذين ولدوهم ، كأبي الحسن ، في كنية علي بن أبي طالب عليهالسلام.
فمن لم يكن له ابن ، وكان له بنت ، كنوه بها.
ومن لم يكن له ابن ولا بنت ، كنوه بأقرب الناس إليه كأخ وأخت وعم وعمة وخال وخالة (٥).
وجروا في كنى النساء بالأمهات هذا المجرى في الكنى بالأولاد (٦).
أقول : ورد في الحديث الشريف عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : «من السنة والبر أن يكنى الرجل باسم ابنه» كما سيأتي.
وقال الرضي : وقد يكنى الشخص بالأولاد الذين له ، كأبي الحسن لأمير المؤمنين علي عليهالسلام.
__________________
(٣) التعريفات : ٨١.
(٤) شرح الكافية ٢ / ١٣٩.
(٥) لاحظ : النحو الوافي ١ / ٢٧٧.
(٦) المرصع ٢ ـ ٤٣.