القسم الأول : حقيقة الكنية وميزاتها
١ ـ أصل الكنية :
قال ابن الأثير : بلغني أن سبب الكنى في العرب كان :
أن ملكا من ملوكهم الأول ولد له ولد توشم فيه أمارات النجابة فشغف به ، فلما نشأ وترعرع وصلح لأن يؤدب أدب الملوك ، أحب أن يفرد له موضعا بعيدا من العمارة يكون فيه مقيما يتخلق أخلاق مؤدبيه ، ولا يعاشر من يضيع عليه بعض زمانه ، فبنى له في البرية منزلا ونقله إليه ، ورتب له من يؤدبه بأنواع الآداب العلمية والملكية ، وأقام له ما يحتاج من أمر دنياه ، ثم أضاف إليه من هو من أقرانه وأضرابه من أولاد بني عمه وأمرائه ليواسوه ويتأدبوا بآدابه بموافقتهم له عليه.
وكان الملك على رأس كل سنة يمضي إلى ولده ، ويستصحب معه من أصحابه من له عند ولده ولد ، ليبصروا أولادهم ، فكانوا معه إذا وصلوا إليهم سأل ابن الملك عن أولئك الذين جاءوا مع أبيه ليعرفهم بأعيانهم ، فيقال له : «هذا أبو فلان ، وهذا أبو فلان» يعنون آباء الصبيان الذين هم عنده ، فكان يعرفهم بإضافتهم إلى أبنائهم فن هنالك ظهرت الكنى في العرب ، ثم انتشرت حتى صاروا يكنون كل إنسان باسم ابنه (١).
واحتمل الأخ الفاضل السيد حيدر شرف الدين ، العاملي ، أبو رضا (٢) : أن
__________________
(١) المرضع : ١ ـ ٤٢.
(٢) من أحفاد الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي ، صاحب المراجعات ، وأخونا السيد الجليل أبو رضا يتمتع بذكاء حاد ، وفكر عميق ، ويصحب قلبا طيبا ، ويملك زمام الورع والتقى ، كشفت عن ذلك كله السنوات التي عشتها معه في النجف وقم ، وفرض التنويه بها الواجب الشرعي وحق الأخوة ، عاد إلى وطنه لأداء واجب التبليغ ، كان الله له وأخذ بيده ووفق الله المؤمنين لمعرفة حقه وأداء واجبه.