أو في السقي ، أو غير ذلك مما يوجب ضعفه ، ثم أخذ منتظرا وقت الحصاد ، ويتوقع من فضل الله أن يبارك له فيه ، ويعتمد على أنه الرزاق ذو القوة المتين ، فيصدق عليه أيضا أنه راج ، لكن مرتبته بعيدة عن مرتبة الأول ، ورجاءه أضعف.
وإذا لم يزرع في نفسه أصلا ، أو زرع ولم يسقه بماء الطاعة ، أو ترك نفسه مشغولة بشوك الأخلاق المذمومة الردية ، وانهمك في طلب آفات الدنيا ، ثم انتظر المغفرة والفضل من الله تعالى ، فذلك الرجاء غرور ، وليس برجاء في الحقيقة.
وهذا هو القائل يوم القيامة يوم الحسرة والندامة (يا ليتني قدمت لحياتي * فيومئذ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد) (١٥).
وفي هذا المعنى قيل :
إذا أنت لم تزرع وعاينت حاصدا |
|
ندمت على التفريط في زمن البذر (٦) |
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الأحمق من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله» (٧).
وقال تعالى (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا) (٨).
وإلى المراتب الثلاث أشار علي عليهالسلام في كلامه بقوله : «ساع سريع نجا ، وطالب بطئ رجا ، ومقصر في النار» (٩).
__________________
(٥) الفجر ٨٩ : ٢٤ ـ ٢٥.
(٦) العقد الفريد ٣ : ١٣٣ ، كشف الخفاء ومزيل الالباس ١ : ٤٩٦ ، وفيهما بدل ، «عاينت : أبصرت» ونسبه صاحب العقد إلى خالد بن معدان.
(٧) سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٣٢ / ٤٢٦٠ ، مسند أحمد ٤ : ١٢٤ ، مستدرك الحاكم ١ / ٥٧ ، وكذا ٤ : ٢٥١ ، الجامع الصحيح ٤ : ٦٣٨ / ٢٤٥٩) وفيها جميعا بدلا عن «الأحمق» : «العاجز».
(٨) الأعراف ٧ : ١٦٩.
(٩) من خطبة له عليهالسلام لما بويع في المدينة مطلعها : «ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم ...».
أنظر : نهج البلاغة ـ تنظيم الدكتور صبحي الصالح ـ ص ٥٨ ، ومثله في المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة : ١٦.