في الإسلام في كتابه «السير الكبير» الذي شرحه الفقيه الحنفي السرخسي ، ورد عليه القاضي أبو يوسف في «الرد على سير الأوزاعي».
ثم تطور البحث في نظم الدولة الإسلامية بعد قرنين من الزمان ، فظهرت كتب عالجت تلك النظم بشمول ، فكتب القاضي أبو الحسن الماوردي ، المتوفى سنة ٤٥٠ ه كتاب «الأحكام السلطانية» كما كتب القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء ، المتوفى سنة ٤٥٨ ه كتابا بنفس العنوان.
كما اهتمت بعض الكتب بالبعد التاريخي لنظم الدولة الإسلامية ، ككتاب «الوزراء والكتاب» للجهشياري ، المتوفى سنة ٣٣١ ه ، وكتاب «تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء» لهلال الصابئ ، المتوفى سنة ٤٤٨ ه ، وكتاب «الولاة وكتاب القضاة» لأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي ، المتوفى سنة ٣٥٠ ه.
إلا أن التصنيف في حقل النظم الإسلامية كان نصيبه ضئيلا بالقياس للحقول الأخرى في العلوم الإسلامية وبقية فروع الفقه الإسلامي.
كما أن المدونات ـ المارة الذكر ـ سعت لتبرير الواقع الذي مثله سلاطين الجور في التاريخ الإسلامي ، وساهمت بتسويغ المظالم الفضيعة التي ارتكبها الطواغيت ، فأضحى الموقف الفقهي فيها أسيرا للواقع السياسي وأعيد بناء النظرية الإسلامية بعيدا عن مصادر الإلهام والأصول الأساسية للإسلام المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة الشريفة.
وقد اشتملت تلك المدونات على آراء منكرة غريبة عن روح الشريعة ، ومناقضة لمنطق القرآن والاتجاه العام في الإسلام القائم على تبني قضية العدالة ، وإقامة الحق ، والدفاع عن الحفاة والمستضعفين ، ومن أبرز هذه الآراء النص على وجوب طاعة السلطان الجائر الفاسق ، ولعل السبب في غلبة الاتجاه المذكور في هذه المدونات هو أنها كتبت في بلاطات السلاطين ، واستجابة لأوامر خلفاء الجور. وتلبية لنزواتهم ، أو تزلفا لهم.
تلك هي حكاية ولادة التنظير لنظم الدولة الفقه الإسلامي السني ، هذه