الولادة التي أسهمت في تخدير المسلمين وتفتيت روح المقاومة والثورة لديهم ، وإقصاء الإسلام الأصيل عن المسرح السياسي أخيرا.
أما في فقه مدرسة أهل البيت «الفقه الجعفري» فقد تأخرت عملية التدوين الفقهي في نظم الدولة الإسلامية كثيرا ، بل نستطيع القول بأن التدوين المستقل في ذلك لم يظهر حتى القرن الرابع عشر المجري ، مع وجود بعض الأحكام المتناثرة التي مثلت فصولا وأبوابا من بعض المصنفات الفقهية القديمة ، فمثلا نجد الشيخ الطوسي ، المتوفى سنة ٤٦٠ ه يفرد أبوابا مستقلة في كتابه «المبسوط» لأحكام البغاة والمرتدين وأهل الذمة والجزية.
واستطاع الشيخ النراقي في كتابه «عوائد الأيام» تحقيق نقلة نوعية في صياغة واكتشاف نظام الحكم في الإسلام ، عصر غيبة المعصوم (عليهالسلام) المتمثل بولاية الفقيه ، وتعتبر محاولته هذه بحق خطوة متقدمة لتأسيس مشروع منهجي للبحث في نظم الدولة الإسلامية في الفقه الجعفري.
ولم يشأ الفقه لدينا من تجاوز الحالة هذه حتى اليوم ، لولا محاولات بعدد الأصابع توجها في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري الإنجازان المتميزان اللذان تقدم بهما السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه في بناء الهيكل التام لنظرية ولاية الفقيه ، التي أهمل بحثها منذ عصر الشيخ النراقي المتميز في القرن الثالث عشر الهجري ، والسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه في مشروعه العملاق لتفقيه النظم الإسلامية ، والذي لم ير النور منه إلا المذهب الاقتصادي في الإسلام ، إذ حالت الظروف التي عاشها الشهيد الصدر في النجف الأشرف بينه وبين إنجاز الخطوات الأخرى في مشروعه ولم يتمكن إلا من كتابه «اقتصادنا» الذي تفرد بكونه أنضج وأعمق وأدق محاولة لاكتشاف نظام الإسلام الاقتصادي تسطرها يراعة فقيه مسلم حتى الآن.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى الإشكالية التي تخلف فيها فقه مدرسة أهل البيت (عليهمالسلام) عن العطاء في هذا الحقل الأساسي في حياة الأمة ، مع