١١ ـ قال صاحب كتاب «فضيحة المعتزلة» : أيما أشنع؟ القول بأن الله «جسم لا يشبه الأجسام» في معانيها ، ولا في أنفسها ، غير متناه القدرة ، ولا محدود العلم ، لا يلحقه نقص ، ولا يدخله تغيير ، ولا تستحيل منه الأفعال ، لا يزال قادرا عليها؟ أم القول ... (٣٣).
وجاءت المقولة غير منسوبة :
١٢ ـ فيما ذكره الدواني على العقائد العضدية ، قال : ومنهم ـ أي : من المشبهة ـ من تستر بالبلكفة ، فقال : هو «جسم لا كالأجسام» وله حيز لا كالأحياز ، ونسبته إلى حيزه ليست كنسبة الأجسام إلى أحيازها ، وهكذا «ينفي جميع خواص الجسم» عنه ، حتى لا يبقى إلا اسم «الجسم».
وهؤلاء لا يكفرون ، بخلاف المصرحين بالجسمية (٣٤).
١٣ ـ فيما ذكره القاضي عبد الجبار المعتزلي من إبطال المعتزلة لقول من زعم : إن الله تعالى «جسم لا كالأجسام» قياسا على القول بأنه تعالى «شئ لا كالأشياء» (٣٥).
ولكن سنذكر أن مقولة «جسم لا كالأجسام» هي عند هشام بمعنى «شئ لا كالأشياء» وتساويها في المعنى ، فالدليل عليهما ـ عند هشام ـ واحد.
وعلى هذا فيمكن أن تعتبر مصادر «شئ لا كالأشياء» مكملة لمصادر مقولة «جسم لا كالأجسام».
ومن الغريب أن البغدادي ـ صاحب «الفرق بين الفرق» ـ لم ينقل هذه المقولة عن هشام ، مع نقله جملة من أشنع ما نسب إليه في بعض مصادرها السابقة!
وأظن أنه إنما عمد إلى ترك ذكر هذه المقولة ، لأنها تحتوي على ما ينسف كل تلك الأكاذيب المفتعلة ، والأباطيل المنسوبة إلى هشام ، كما سيتضح في هذا البحث ، بعون الله.
__________________
(٣٣) الإنتصار ـ للخياط ـ : ١٠٧.
(٣٤) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين : ٥٣٢.
(٣٥) شرح الأصول الخمسة : ٢٢١ ، وانظر : في التوحيد ـ تكملة ديوان الأصول ـ : ٥٩٦.