وأما تفسير «الجسم» ب «القائم بنفسه» :
فقد ذكره عبد الجبار فقال : وأما أن يكون [التجسيم] عن طريق العبارة ، يجوز أن يقول : إن الله تعالى «جسم» ليس بطويل ، ولا عريض ، ولا عميق ، و «لا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام» من الصعود ، والهبوط ، والحركة ، والسكون ، والانتقال من مكان إلى مكان ، ولكن أسميه «جسما» لأنه «قائم بنفسه» (٤٨).
ونسبه الشهرستاني إلى الكرامية ، فقال : أطلق أكثرهم لفظ «الجسم» عليه تعالى ، والمقاربون منهم قالوا : نعني بكونه «جسما» أنه «قائم بذاته» وهذا هو «الجسم» عندهم (٤٩).
وقال الشهرستاني ـ أيضا ـ : وقد اجتهد محمد بن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله [ابن كرام] في كل مسألة ، حتى ردها من المحال إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء ، مثل «التجسيم» فإنه قال : أراد ب «الجسم» : «القائم بالذات» (٥٠).
وأما تفسير «الجسم» ب «الموجود» :
فقد نسبه الأشعري ـ في موضع ـ إلى هشام ، فقال : زعم هشام بن الحكم أن معنى «موجود» في البارئ تعالى أنه «جسم» لأنه «موجود» : «شئ» (٥١).
ونسب إلى قوم : أن معنى «الجسم» هو «الشئ الموجود» وأن البارئ لما كان «شيئا موجود» كان «جسما» (٥٢).
وذكر الجويني ما نصه : معنى «الجسم» : «الموجود» وأن المعني بقولنا : إن الله
__________________
(٤٨) شرح الأصول الخمسة : ٢١٨.
(٤٩) الملل والنحل ١ / ١٠٩ ، ولوامع البينات ـ للرازي ـ : ٣٥٩.
(٥٠) الملل والنحل ١ / ١١٢.
(٥١) مقالات الإسلاميين ٢ / ١٨٢.
(٥٢) الشامل في أصول الدين : ١٦٦ ـ طبعة ريتر ـ الإسكندرية ، وانظر : مذاهب الإسلاميين ١ / ٧٢.