الشيئية ، وهو «الموجود» و «القائم بنفسه» فلا يصح عنده التعبير عنه تعالى بالجوهر.
ويشهد لذلك أن هشاما كان ممن ينكر الجوهر الفرد.
قال الأشعري ـ وهو يتحدث عمن يزعم ـ : أن الجزء يتجزأ أبدا ، ولا جزء إلا وله جزء ، وليس لذلك آخر إلا من جهة المساحة ، وأن لمساحة الجسم آخرا ، وليس لأجزائه آخر من باب التجزؤ ، القائل بهذا القول هشام بن الحكم وغيره (١٠١).
فكل جوهر ـ عند هشام ـ لا بد أن يكون متألفا من أكثر من جزء ، وكل متألف متحيز ، وكل متحير لا بد أن يكون يمينه غير يساره ، قدامه غير خلفه ، وكل ما يتميز أحد جانبيه عن الآخر ، فهو منقسم ، وكل منقسم فليس ب «أحد» (١٠٢).
والله جل ذكره يقول : (قل هو الله أحد) سورة التوحيد (١١٢) الآية (١)].
وكما أن صدر المقولة «جسم لا كالأجسام» يثبت وجود البارئ تعالى ، فهو إخراج له عن حد التعطيل ، فكذلك ذيلها ينفي عنه تبارك ذكره كل شبه للأجسام ، ومماثلة بينه وبينها ، فهو إخراج له تعالى عن حد التشبيه ، كما تدل عليه الآية الكريمة : (ليس كمثله شئ).
فهذه الآية نفت عن وجوده تعالى المماثلة لغيره من الأشياء. ومما يدل على أن قوله في ذيل المقولة : «لا كالأجسام» هو بمعنى (ليس كمثله شئ) هو وجود هذه الآية مكان ذلك الذيل في مورد نقل كلام هشام ، في حديث الحماني. إن هشام بن الحكم زعم أن الله «جسم ليس كمثله شئ» (١٠٣).
وهذا الذيل ضروري لتكميل التنزيه ، كما عرفت ، ولذلك قال ابن حزم. لو أتانا نص بتسميته تعالى «جسما» لوجب علينا القول بذلك ، وكنا حينئذ نقول. إنه «لا كالأجسام» (١٠٤).
__________________
(١٠١) مقالات الإسلاميين ١ / ١٢٤.
(١٠٢) اللوامع الإلهية ـ للفاضل المقداد ـ : ٨٧ ، وانظر : الفصل ـ لابن حزم ـ ٥ / ٦٦.
(١٠٣) التوحيد ـ للصدوق ـ : ١٠٠ ، ب ٦ ، ح ٨.
(١٠٤) الفصل ٢ / ١١٨ ـ ١١٩.