زعمت : أن كلام الجسم ، وأنه مخلوق (١٨٧) ومن قال منهم برؤية الأعراض (١٨٨).
وأما ما نسبه إلى هشام من تبديل المعنى المجرد بالكائن المجرد : فلم يذكر الكاتب أنه من أين أخذه؟ هل وجده في مصدر؟ أو أنه أخذه من آراء أخرى لهشام فاستنبط هذا منها؟
كما أنه لم يذكر وجه هذا التبديل! فإن المعنى المجرد هو موجود ذهني لا يمكن تحققه في الخارج ، والكائن المجرد هو موجود خارجي وإن كان جسما لطيفا ، فما معنى تبديل هذا بذاك؟! وما هو دليله؟!
وهكذا يسطر الكاتب مقدمات من نسج خياله ، وينسبها إلى هشام ، ليبني عليه رأيه المنهار وينسبه ـ بكل صلافة ـ إلى هشام.
٦ ـ صارت الجسمية اعتبارا عقليا خالصا ، ليس إلى تلمسه سبيل ، كما أن العلم والحركات أجسام لا تلمس.
إن الإشكال على التجسيم هو أن مقتضاه العرفي أن تكون للجسم أبعاد ثلاثة على الأقل : الطول والعرض والعمق ، أو التأليف والتركيب والتجزؤ ، وهذا هو الجسم باصطلاح المجسمة والمعتزلة ، على ما عرفت.
ولو اعتبرت الجسمية أمرا عقليا ، كان هذا اصطلاحا آخر في الجسم فلا بد له من دليل اعتبار.
والكاتب كما أنه لم يذكر دليلا على هذا الاعتبار والاصطلاح فهو لم يذكر قبل ذلك واحدا من المصادر كان قد ذكر ذلك منسوبا إلى هشام.
وإذا جعل الكاتب هذه النتيجة حتمية على أساس المقدمات السابقة وخامة أن هشاما يرى أن الحركات أجسام ، فقد عرفت عدم صحة نسبة شئ من تلك المقدمات إلى هشام ، خاصة هذه المقدمة ، فإنه خالفها بالقطع!
__________________
(١٨٧) مقالات الإسلاميين ١ / ٢٤٥.
(١٨٨) مقالات الإسلاميين ٢ / ٤٦.