ولا غيره ، ولا بعضه (١٩٢).
فاختلفا في أن علم الله عين ذاته ، كما يقول العلاف ، أو صفة للذات ، كما يقول هشام.
فإذا كان علم الله عين ذاته ، اختلف عن علم المخلوقين لأن علمهم صفة لهم ، فإطلاق «عالم» على البارئ يختلف عن إطلاق «عالم» على المخلوقين ، لاختلاف «العلم» بالحقيقة في الموردين ، والحاصل أن كلمة «العلم» عند إطلاقها على البارئ تعالى ليست بمعنى العلم المفهوم عند المخلوقين ، بل معناه أمر آخر خاض بالله تعالى ، ومع هذا يصح إطلاق «عالم» على البارئ تعالى ، إلا أنه لا بد أن يقال : «لا كالعالمين» حتى ينفي عنه أي شبه بالمخلوقين في علمه وعالميته.
فإن كان هذا التغيير في معنى «العلم» والاصطلاح على إرادة الذات منه ، كافيا لصحة إطلاق اسم «عالم» عليه ، فليكن إطلاق «جسم» عليه تعالى كذلك ، بصرفه عن معناه اللغوي العرفي ، وإرادة أصل «الشئ» و «الموجود» منه صحيحا ، فيقال : إنه «جسم لا كالأجسام».
وإن لم يكن هذا التواضع كافيا ، فلا بد أن لا يصبح «عالم لا كالعالمين»!!
فالعلاف إما أن يلتزم بكون علم الله ليس عين ذاته بل هو صفة مثل علم سائر العالمين ، فهو تنازل عن رأيه في العلم!
أو يلتزم بإطلاق «جسم لا كالأجسام» على البارئ تعالى من دون حرج وهذا اعتراف بصحة مقولة هشام في الجسم!
وقد عرف من شرحنا هذا أن هشاما لا يمكن أن يقيس مقولته «جسم لا كالأجسام» على قول العلاف «عالم بعلم ، وعلمه ذاته»! وذلك :
١ ـ أن هذا مخالف لرأي هشام في العلم!
٢ ـ أن هذا ليس فيه أي إلزام على العلاف ، فكيف يذكره الشهرستاني
__________________
(١٩٢) مقالات الإسلاميين ٢ / ١٦٣.