٨ ـ موقف الأئمة من مقولة هشام :
إن لأئمة أهل البيت عليهمالسلام مواقف حاسمة في الدفاع عن الحق ، وبيان الحقيقة ، وفي خصوص مجال التوحيد والتنزيه ، وقد أفصحوا عن ذلك بأقوال صريحة ، قاطعة ، محكمة ، جمعتها صحف أصحابهم ، ومؤلفات أوليائهم ، وحفظتها صدور قوم مؤمنين ، وهم يتلونها على المنابر ، وفي المجالس ، على ألسنة المبلغين رسالات الله ، فتطمئن بها قلوب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
فهذا رسول الله سيد الأنبياء والمرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول ـ وهو يخاطب الدين قالوا : إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور ـ : أخطأتم الطريق وضللتم ، أما أنتم فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات! أو يحل ربكم في شئ ، حتى يحيط به ذلك الشئ؟! فأي فرق بينه ـ إذن ـ وبين سائر ما يحل فيه من لونه ، وطعمه ، ورائحته ، ولينه ، وخشونته ، وثقله ، وخفته؟؟ ولم صار هذا المحلول فيه محدثا ، وذلك قديما ، دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما؟! (١٩٩).
وهذا أمير المؤمنين سيد الموحدين الإمام علي عليهالسلام قد سبق كل الموحدين في التوحيد الكامل ، والتنزيه الشامل ، في خطبه وبياناته ، والمعتزلة ـ المدعون للسبق في ذلك ـ اعترفوا بأن خطب الإمام عليهالسلام في بيان التشبيه وإثبات العدل أكثر من أن تحصى.
قال يحيى بن حمزة العلوي ـ من أئمة الزيدية ـ : وأعظم كلامه ما حواه كتاب «نهج البلاغة» وقد تواتر نقله عنه ، واتفق الكل على صحته ، وقد أورد فيه من الترغيب والترهيب ، والتخويف والتقريب ، والمواعظ والزجر ، وخلاص التوحيد ، وصريح التنزيه ، ولطائف الحكم ، ومغاصات الأفهام ، ما يبهر القرائح ، وتحار في إتقانه العقول ، ويذهل الفهم (٢٠٠).
__________________
(١٩٩) الإحتجاج ـ للطبرسي ـ : ٢٧.
(٢٠٠) مشكاة الأنوار ـ للعلوي ـ : ٥ ـ ١٧٦.