فمن خطبة له : أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال تصديقه توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن قال : فيم؟ فقد ضمنه ، ومن قال : علام؟ فقد أخلى منه ، كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شئ لا بمزايلة (٢٠١).
وفي خطبة أخرى : الحمد لله الذي لا يموت ، ولا تنقضي عجائبه ، ... ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا ، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا ... (٢٠٢).
وفي ثالثة : الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ولا تحيط به السواتر الدال على قدمه بحدوث خلقه ، وبحدوث خلقه على وجوده ، وباشتباههم على ألا شبه له (٢٠٣).
وقال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام : من كان ليس كمثله شئ ، وهو السميع البصير ، كان نعته لا يشبه نعت شئ فهو ذاك (٢٠٤).
وقال عليهالسلام : إلهي يدك قدرتك ، والتقدير على غير ما به وصفوك ، وإني برئ يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك شئ إلهي ، ولن يدركوك ، وظاهر ما بهم من نعمك دليلهم عليك لو عرفوك ، وفي خلقك يا إلهي مندوحة أن يتناولوك ، بل سووك بخلقك ، ومن ثم لم يعرفوك ، واتخذوا بعض آياتك
__________________
(٢٠١) نهج البلاغة : ٢٣٩ ـ ٤٠ ، الخطبة ١ ، والاحتجاج ـ للطبرسي ـ : ١٩٩. وانظر : مشكاة الأنوار : ١٧٧.
(٢٠٢) التوحيد ـ للصدوق ـ : ٣١.
(٢٠٣) نهج البلاغة. ٢٦٩ الخطبة ١٨٥ ، مشكاة الأنوار : ١٧٦.
(٢٠٤) بلاغة الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام : ١٦.