وبهذا انضم الأشاعرة إلى المسلمين في توقيفية الأسماء.
وقد ذكر الغزالي في هذا الباب تفصيلا ، وهو يتحدث عن اسم «الجسم» وهذا نصه.
ندعي : أن صانع العالم ليس بجسم ، لأن كل جسم فهو متألف من جوهرين متحيزين ... ونحن لا نعني بالجسم إلا هذا.
فإن سماه «جسما» ولم يرد هذا المعنى ، كانت المضايقة معه بحق اللغة ، أو بحق الشرع ، لا بحق العقل. فإن العقل لا يحكم في إطلاق الألفاظ ونظم الحروف والأصوات التي هي اصطلاحات (٢١٤).
وقال في موضع آخر : العقل عندنا لا يوجب الامتناع من إطلاق الألفاظ ، وإنما يمنع عنه : إما لحق اللغة ، وإما لحق الشرع :
أما حق اللغة : فذلك إذا ادعى أنه موافق لوضع اللسان ، فيبحث عنه ، فإن ادعى واضعه له أنه اسمه على الحقيقة ، أي واضع اللغة وضعه له فهو كاذب على اللسان ، وإن زعم أنه استعاره ، نظرا إلى المعنى الذي به شارك المستعار منه ، فإن صلح للاستعارة لم ينكر عليه بحق اللغة ، وإن لم يصلح قيل له. أخطأت على اللغة ، ولا يستعظم ذلك إلا بقدر استعظام صنيع من يبعد في الاستعارة ، والنظر في ذلك لا يليق بمباحث المعقول.
وأما حق الشرع ، وجواز ذلك وتحريمه ، فهو بحث فقهي يجب طلبه على الفقهاء ، إذ لا فرق بين البحث عن جواز إطلاق الألفاظ من غير إرادة معنى فاسد ، وبين البحث عن جواز الأفعال.
وفيه رأيان :
أحدهما : أن يقال : لا يطلق اسم في حق الله تعالى إلا بالإذن ، وهذا لم يرد فيه إذن.
__________________
(٢١٤) الاقتصاد ـ للغزالي ـ : ٢١.