عمرو بن العاص ومعاوية ، كأنهم لا يريدونهما بذلك وإنما يريدونه (٢).
وابتلي الحق ـ ثانية ، وهو متمثل في التشيع بأولئك الأعداء ، مقنعين باسم السلف والسنة ، حيث تصدوا له بالمنابذة والمعارضة ، فواجهتهم أدلته القاطعة وحججه الصارمة الناصعة.
ولما تعرضوا لأئمة الحق من آل محمد ، خلفاء الرسول من عترته الطاهرة ، أعجزتهم قوة أولئك السادة العلماء بالحق ، وصلابة أولئك الأوتاد العرفاء بالله ، وإخلاصهم في التفاني من أجله ، بما لم يثنهم عن ذلك ، حتى الاغتيال والقتل الذريع ، والسجن والهتك الفظيع ، بل ظلوا صامدين ، مصرين على قول الحق وفعل الصدق ، رغم كل أساليب العدوان وأقاويل البهتان التي استعملها الأعداء ضدهم.
ولقد اضطر أعداء الحق للخضوع أمام عظمتهم ، والاعتراف لم بكل كرامة :
يقول ابن حجر الهيتمي ـ وهو يتحدث عن (حديت الثقلين) المحتوي على قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن وأهل البيت ـ : «لا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم (٣).
قال : في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية) كان مقدما على غيره (٤).
ويقول الذهبي ـ في ترجمة الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن عليهالسلام ـ : محمد ، هذا ، هو الذي يزعمون أنه «الخلف الحجة» وأنه «صاحب الزمان» وأنه حي لا يموت حتى يخرج ، فيملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا.
[قال الذهبي :] فوددنا ذلك ـ والله ـ!
__________________
(٢) الاختلاف في اللفظ : ٤٨.
(٣) أنظر : مصادر حديث الثقلين ، بألفاظه المختلفة في مقال «أهل البيت في المكتبة العربية» المنشور في مجلة (تراثنا) العدد (١٥) السنة الرابعة ، ١٤٠٩ / ص ٨٤.
(٤) الصواعق المحرقة لابن حجر : ١٣٦.