بأنه جسم أو صورة (٢٢٧).
لوضوح كون هذا القول كفرا مخرجا عن الملة ، فكيف يمكن أن يقع في الطائفة نزاع كبير في ذلك ، وهو لم ينقل عن أحد من رجال الشيعة ، كما نقل عن بعضهم القول بإطلاق اسم «الجسم».
ثم إن رواية نقلها الكشي ، تحدث فيها عن مخاصمة جمع من كبار الأصحاب فيما اختلفوا فيه من التوحيد وصفة الله عزوجل ، فكتب أحدهم إلى أبي الحسن موسى الكاظم عليهالسلام يحكي له مخاطبتهم وكلامهم ويسأله أن يعلمه. ما القول الذي ينبغي أن ندين الله به من صفة الجبار؟
فأجابه في عرض كتابه : إن الله أجل وأعلى وأعظم من أن يبلغ كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفوا عما سوى ذلك (٢٢٨).
فالظاهر من السؤال والجواب ، هو أن البحث والمناظرة والخلاف الواقع بين الأصحاب إنما كان في إطلاق الصفات على الله تعالى.
وهذا القدر من تصرف هشام ، في لفظ «جسم» ولو بالتواضع والاصطلاح لم يكن مستساغا من شخصية علمية عظيمة مثل هشام ، لأن شخصا مقتدرا قد تسنم القمة الشماء في علم الكلام ، والمناظرة ، وهو منسوب إلى مذهب الشيعة ، مذهب أهل البيت عليهمالسلام لا بد أن لا يغفل عن أن الأعداء مترصدون له ولأمثاله من أنصار الحق ، لاقتناص أية كلمة ، ليقيموا الدنيا ولا يقعدوها ، ويجعلوا من الحبة قبة ـ كما يقول المثل ـ ويغروا بنا كلابهم ، ويثيروا علينا غوغاءهم ، ويتهموا كل الطائفة ، من أولها إلى آخرها ، حتى الأئمة الأطهار سلام الله عليهم دعائم العدل والتوحيد.
فكان لا بد لهشام أن يتأبى من استعمال هذه الكلمة لأنها مدعاة لاتهامه بالتجسيم ، ومغرية للجهلة بالهجوم عليه ، وعلى الطائفة التي ينتمي إليها.
__________________
(٢٢٧) التوحيد ـ للصدوق ـ : ١٠٠ ح ٩ و ١٠١ ح ١٢ و ١٣ و ١٤.
(٢٢٨) اختيار معرفة الرجال : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ح ٥٠٠.