وهنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسفر قناعها ونحدر لفاعها ، وهي :
إن الأسماء التي ورد بها السمع ولا شئ منها يوهم نقصا ، يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعا ، وما عدا ذلك فأقسامه ثلاثة :
أ : ما لم يرد به السمع ويوهم نقصا ، فيمتنع إطلاقه عليه تعالى إجماعا ، كالعارف والعاقل والفطن والذكي ، لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره ، والعقل هو المنع عما لا يليق ، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الادراك لما غاب عن المدرك ، وكذا المتواضع لأنه يوهم الذلة ، والعلامة لأنه يوهم التأنيث ، والداري لأنه يوهم تقدم الشك. وما جاء في الدعاء من قول الكاظم عليهالسلام في دعاء يوم السبت يا من لا يعلم ولا يدري كيف هو إلا هو (١٧٥) ، يعطي جواز هذا ، فيكون مرادفا للعلم.
ب : ما ورد به السمع ، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص ، فلا يجوز كأن يقول : يا ماكر أو يا مستهزئ ويحلف به. قال الشهيد : ومنع بعضهم أن يقال : اللهم امكر بفلان ، وقد ورد في دعوات المصباح : اللهم استهزئ به ولا تستهزئ بي (١٧٦).
__________________
أن يسمى الله تعالى شاكرا ، وقد ورد به في القرآن في قوله. (فإن الله شاكر عليم [٢ : ١٥٨] لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي : هو المظهر للإنعام عليه ، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة ، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازا وتوسعا. قال الإمام الطبرسي رحمهالله : ومعنى أنه شاكر أي : مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب ، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفا لعباده ومظاهرة في الاحسان والإنعام عليهم ، كما قال : (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا [٢ : ٢٤٥]) والله تعالى لا يستقرض من عوز ، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف ، أي : يعامل عباده معاملة المستقرض ، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته ، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [من حيث إنه] يوجب الثناء له والثواب سمى نفسه شاكرا. منه رحمهالله».
أنظر : الصحاح ٥ : ١٢٠٤ حنن ، مجمع البيان ١ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(١٧٥) المصباح ـ للمصنف ـ : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(١٧٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٧ ، باختلاف.