خاتمة فيها أبحاث
أ : هنا سؤال ، تقديره : قد ثبت أن الله تعالى واحدي الذات لا مجال للتعدد فيه ، فليس بمتكثر بحسب الوجود الخارجي لا فرضا ولا اعتبارا ولا بشئ من الوجوه الموجبة للتكثر ، ولا شك أن هذه الصفات التي ذكرناها في الواجب تعالى متعددة ، فإما أن تكون معانيها ثابتة للواجب تعالى ، فيلزم التكثر في ذاته وهو محال ، أو ليست ثابتة ، فلم يجز صدقها عليه ، لكنها صادقة عليه تعالى ، فتكون معانيها ثابتة له ، فيلزم التكثر في ذاته؟
والجواب : أن الاسم الذي يطلق عليه تعالى من غير اعتبار غيره ليس إلا لفظة (الله) تعالى ، ومعناها ثابت للواجب تعالى بالنظر إلى ذاته لا باعتبار أمر خارج ، وما عداه من الصفات إنما يطلق عليه باعتبار إضافته إلى الغير ، كالخالق فإنه يسمى خالقا باعتبار الخلق وهو أمر خارج عنه ، أو باعتبار سلب الغير عنه ، كالواحد فإن معناه سلب الشريك ، أو باعتبار الإضافة والسلب عنه معا ، كالحي فإن معناه في حق الواجب تعالى كونه لا يستحيل أن يقدر ويعلم ويلزم صحة القدرة والعلم ، فهي سلبية باعتبار معناها وإضافية باعتبار لازمها ، فهذه التكثرات التي ذكرناها ليست حاصلة في ذات الواجب تعالى ، بل في أمور خارجة عنه.
فالحاصل : أن الصفات المذكورة المتعددة ثابتة للواجب تعالى باعتبار تكثرات خارجة عنه ، فليس في الذات تكثر ، لا باعتبارها ولا باعتبار الصفات ، بل هي واحدة من جميع الجهات والاعتبارات ، قاله صاحب كتاب منتهى السؤول فيه.
ب : قال الشهيد في قواعده : مرجع هذه الأسماء والصفات عندنا وعند المعتزلة إلى الذات (وذلك لأن مرجع هذه إلى الذات) (٢٢٧) والحياة والقدرة
__________________
(٢٢٧) ما بين القوسين لم يرد في (ر) وأثبتناه من (ب) والمصدر.