فإنهم زعموا النص على أبي بكر ، وللشيعة فإنهم يزعمون النص على علي كرم الله وجهه ، إما نصا جليا وأما نصا خفيا. والحق عند الجمهور نفيهما» (١٠٠).
وقال المناوي بشرحه : «فإن قلت : هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنه لم ينص على خلافة أحد.
قلت : مرادهم : لم ينص نصا صريحا ، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك (١٠١).
علمنا أن المستدلين بهذا الحديث في جميع المجالات ـ ابتداء بباب الإمامة والخلافة ، وانتهاء بباب الاجتهاد والإجماع ـ هم «البكرية» وأتباعهم.
إذن ... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده ... وإن المستدلين به قوم متعصبون لأبي بكر وإمامته ... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلاقه ..
قال الحافظ ابن الجوزي : «قد تعصب قوم لا خلاق لهم يدعون التمسك بالسنة فوضعوا لأبي بكر فضائل ... (١٠٢).
لكن من هم؟
هم «البكرية» أنفسهم!!
قال العلامة المعتزلي : «فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة (١٠٣) وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه. الأحاديث ، نحو : (لو كنت متخذا خليلا) فإنهم وضعوه. في مقابلة (حديث الإخاء). ونحو : (سد الأبواب) فإنه كان لعلي عليهالسلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر. ونحو : (إيتوني بدواة وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان) ثم قال : (يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر) فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : (إيتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده
__________________
(١٠٠) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلمين ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٤٤.
(١٠١) فيض القدير ٢ / ٥٦.
(١٠٢) الموضوعات ١ / ٣٠٣.
(١٠٣) الذي صنعته الشيعة أنها استدلت بالأحاديث التي رواها أهل السنة في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام باعتبار