فقال النبي صلىاللهعليهوآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتباعه واللحوق به : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وعنى في سلوك الطريق دون غيره (١١٩).
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه ، بل كانت تحفه قرائن تخصه بمورده ، فأسقط الراوي القرائن عن عمد أو سهو ، فبدا بظاهره. أمرا مطلقا بالاقتداء بالرجلين .. وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيرية والتاريخية ... ومن ذلك ... ما في ذيل «حديث الاقتداء» نفسه في بعض طرقه. وهذا ما نتكلم عليه بإيجاز ... ليظهر لك أن هذا الحديث ـ لو كان صادرا ـ ليس حديثا واحدا ، بل أحاديث متعددة صدر كل منها في مورد خاص لا علاقة له بغيره ...
تكملة :
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث :
«اقتدوا باللذين ... واهتدوا بهدي عمار.
وتمسكوا بعهد ابن أم عبد. أو : إذا حدثكم ابن أم عبد فصدقوه. أو : ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه».
فالحديث مشتمل على ثلاث فقر ، الأولى تخص الشيخين ، والثانية عمار بن ياسر ، والثالثة عبد الله بن مسعود.
أما الفقرة الأولى فكانت موضوع بحثنا ، فلذا أشبعنا فيها الكلام سندا ودلالة ... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها ، وأن من المحتمل قويا وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الاطلاق ، فإنه نوع من أنواع التحريف ، بل من أقبحها
__________________
(١١٩) تلخيص الثاني ٣ / ٣٨.