فمع القرآن ، حيث تتلى آيات التبليغ ، والإكمال ، وتتجلى الأذهان مناظر نزولها ، وذكريات معانيها ، وأيام أحداثها.
ومع السنة ، حيث انتهى خبرها ، وأبلغ ذكرها ، حتى تواتر حديث الغدير ، فلم يسعه الإنكار ، ولم يخفه الستر والإضمار.
ولقد امتلأت دواوين أهل الأدب بأنشودة الغدير ، تشدو بها القرائح ، وتغردها الأصوات الملاح في أندية الولاء.
وملئت صحف الأعلام بخبر الغدير ، رغم تعرضه على طول الخط ، لمنع التدوين ، وحظر النقل ، فها هو اليوم يمثل في «التراث» بمجلدات ضخمة تعبر بصدق عن خلود الغدير ومجده عبر القرون.
والتاريخ حافل بذكرياته العطرة عن هذا اليوم الخالد ، مقرونا بأعظم ما في الإسلام من ذكريات خالدة ، مستلهمة عظمتها من اسم الرسول صلىاللهعليهوآله وسلم وفعله وجهده وتوجيهه ، كالبعثة النبوية ، والهجرة ، والغدير العظيم ، إلى وفوده على ربه.
تلك الذكريات العظيمة التي لا تنفك عن الإسلام ، ويجد المسلم في استعادتها قوة ، واندفاعا ، وشموخا ، وإباءا.
ولقد كان للغدير أثره البارز في حياة أمة من المسلمين ، في طليعتهم أهل البيت النبوي الشريف الطاهر ، حيث بذل الأئمة الاثنا عشر عليهمالسلام اهتماما عديم المثيل بواقعة الغدير ، وحديثه ، ويومه ، ودلالته.
فاعتبروه شارة الحق وميقاته ، فكان الغدير من أقوى الأدلة على إمامة علي والأئمة من آل محمد عليهمالسلام ، به يستدلون ، وإليه يرشدون.
يشيدون به ، باعتبار أنه من أكبر الأعياد الإسلامية ، حيث تمت فيه نعمة الله ، وكمل دينه ، وأصبح الإسلام دينا مرضيا. ـ
ويتناقلون خبره ، فكانت روايتهم لحديث الغدير ، من أضبط نصوصه ، وأقوى طرقه ، وأوثق أسانيده.