فقد نص على مجيئه كذلك كبار الأئمة في التفسير والحديث واللغة ، وبه فسر قوله تعالى : (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي مولاكم وبئس المصير) (٤٥) وبعض الآيات ...
وممن نص على ذلك : الفراء وأبو زيد وأبو عبيدة والأخفش وأبو العباس ثعلب والمبرد والزجاج وابن الأنباري والرماني والجوهري والثعلبي والواحدي والزمخشري والنيسابوري والبيضاوي والنسفي وأبو السعود والشهاب الخفاجي ... (٤٦).
وإذ رأوا أن لا رواج لهذه الدعوى في سوق الاعتبار لم يجدوا بدا من الاعتراف ، لكن قال بعضهم : لا نسلم أن يكون المراد «الأولى بالتصرف» فليكن «الأولى بالمحبة» وقال آخر : «الأولى بالاتباع».
ولكنه ـ كسابقه ـ دعوى فارغة ، وحمل بلا شاهد. وعلى فرض التسليم فإن «الأولى بالاتباع والمحبة» على الإطلاق لا يكون إلا الإمام ...
وإذ رأى ثالث منهم برودة هذا التأويل وسخافته ... اضطر إلى الإذعان بالحق ، وأن المراد من الحديث هو «الأولى بالإمامة» ... لكنه «أولى بالإمامة» في حين إمامته ، أي بعد الخلفاء الثلاثة ، لا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة.
وهذا أيضا باطل لوجوه :
١ ـ وجود كلمة «بعدي» في بعض ألفاظ الحديث ، كما في تاريخ ابن كثير عن عبد الرزاق ، وفي بعض شواهده ، كما في شعر حسان بن ثابت.
٢ ـ إن تقييد ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام بكونها بعد عثمان ، يتوقف على وجود النص على خلافة الثلاثة ، فيجمع بينه وبين حديث الغدير على الوجه المذكور ، لكن القوم أنفسهم يعترفون بعدم النص.
٣ ـ إن لفظة «من» من ألفاظ العموم : فيكون الثلاثة داخلين تحت عموم الحديث.
__________________
(٤٥) الآية ١٥ من سورة الحديد.
(٤٦) أنظر : خلاصة عبقات الأنوار ٨ / ١٥ ـ ٨٨.