وفاطمة الزهراء ليست بالتي تفتن عن دينها أو يعتريها ما يعتري النسوة وقد نزلت فيها آية التطهير من السماء ، وكانت لعصمتها وكمالاتها سيدة النساء ، وعلى فرض ذلك ـ كما تقول هذه الأحاديث ـ فلا خصوصية لابنة أبي جهل.
والنبي يعترف في خطبته بأن عليا ما فعل حراما ، ولكن لا يأذن. فهل إذنه شرط؟! وهل يجوز حمل الصهر على طلاق زوجته إن تزوج بأخرى عليها؟! كل هذا غير جائز ولا كائن.
سلمنا أن فاطمة أخذتها الغيرة (٦٦) ، والنبي أخذته الغيرة لابنته (٦٧) ، فلماذا صعد المنبر وأعلن القصة وشهر؟!
يقول ابن حجر : «وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به ، إما على سبيل الإيجاب ، وإما على سبيل الأولوية» (٦٨).
وتبعه العيني (٦٩).
والمراد بالحكم : حكم «الجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله» لكن ألفاظ الحديث مختلفة ، ففي لفظ : (لا تجتمع. «وفي آخر : (» ليس لأحد. «وفي ثالث : «لم يكن ذلك له». ولذا اختلفت كلمات العلماء في الحكم!
قال النووي : «قال العلماء : في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكل حال وعلى كل وجه ، وإن تولد ذلك الايذاء مما كان أصله مباحا وهو حي. وهذا بخلاف غيره. قالوا : وقد أعلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله : لست أحرم حلالا ، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين ، إحداهما : أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهلك من آذاه.
__________________
(٦٦) ومن هنا ذكر ابن ماجة الحديث في باب الغيرة.
(٦٧) ومن هنا عنون البخاري : «باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف» ولم يذكر فيه إلا هذا الحديث!!
(٦٨) فتح الباري ٦٨ / ٧.
(٦٩) عمدة القاري ١٦ / ٠ ٢٣.