فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة. والثانية : خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة.
وقيل : ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : أعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان ، كما قال أنس بن النضر : والله لا تكسر ثنية الربيع.
ويحتمل أن المراد : تحريم جمعهما ، ويكون معنى لا أحرم حلالا ، أي : لا أقول شيئا يخالف حكم الله ، فإذا أحل شيئا لم أحرمه ، وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه ، لأن سكوتي تحليل له ، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنتي عدو الله وبنت نبي الله " (٧٠).
وقال العيني : «نهى عن الجمع بينها وبين فاطمة ابنته لعلتين منصوصتين» (٧١) ١٧١.
أقول : أما «لا تجتمع.» فليس صريحا في التحريم ، ولذا قيل : «ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : اعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان».
وأما «ليس لأحد.» فظاهر في الحرمة لعموم المسلمين ، فيكون حكما مخصصا لعموم أدلة الجواز لكن لا يفتي به أحد ... بل يكذبه عمل عمر بن الخطاب ، حيث خطب ـ فيما يروون ـ ابنة أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام وعنده غير واحدة من بنات أعداء الله كما لا يخفى على من راجع تراجمه.
وأما «لم يكن ذلك له» فصريح في اختصاص الحكم بعلي ، فهل هو نهي تنزيهي أو تحريمي؟ إن كان الثاني فلا بد أن يفرض مع جهل علي به ، لكن المستفاد من النووي وغيره هو الأول ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الجمع للعلتين المذكورتين.
أما الثانية فلا تتصور في حق كثير من النساء المؤمنات فكيف بالزهراء الطاهرة المعصومة!!
وأما الأولى فيردها : أن صعود المنبر ، والثناء على صهر آخر ، ثم القول بأنه
__________________
(٧٠) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ـ هامش إرشاد الساري ـ ٣٣٣ / ٩.
(٧١) عمدة القاري ٣٤ / ١٥