«إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ...». ينافي كمال شفقته على علي وفاطمة.
ولعل ما ذكرناه هو وجه الأقوال الأخرى في المقام.
وقال ابن حجر بشرح : «إلا أن يريد ابن أبي طالب. " : «هذا محمول على أن بعض من يبغض عليا وشى به أنه مصمم على ذلك ، وإلا فلا يظن به أنه يستمر على الخطبة بعد أن استشار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فمنعه. وسياق سويد بن غفلة يدل على أن ذلك وقع قبل أن تعلم به فاطمة ، فكأنه لما قيل لها ذلك وشكت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن أعلمه علي أنه ترك ، أنكر عليه ذلك.
وزاد في رواية الزهري : وإني لست أحرم حلالا ولا أحلل حراما ، ولكن ـ والله ـ لا تجمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدا. وفي رواية مسلم : مكانا واحدا أبدا. وفي رواية شعيب : عند رجل واحد أبدا.
قال ابن التين : أصح ما تحمل عليه هذه القصة : أن النبي صلىاللهعليهوآله وسلم حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل ، لأنه علل بأن ذلك يؤذيه ، وأذيته حرام بالاتفاق. ومعنى قوله : لا أحرم حلالا ، أي : هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة. وأما الجمع بينهما الذي لا يستلزم تأذي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لتأذي فاطمة به فلا.
وزعم غيره : أن السياق يشعر بأن ذلك مباح لعلي ، لكنه منعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم رعاية لخاطر فاطمة ، وقبل هو ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والذي يظهر لي : أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلىاللهعليهوآله وسلم أن لا يتزوج على بناته.
ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليهاالسلام» (٧٢).
أقول : لا يخفى الاضطراب في كلماتهم. ولا يخفى ما في كل وجه من هذه
__________________
(٧٢) فتح الباري ٢٦٨ / ٩.