__________________
عياض : الخميلة كساء ذات خمل ـ وفاطمة تمشي عند ظهره للمباهلة وله يومئذ عدة نسوة ، فقال شرحبيل لصاحبيه : يا عبد الله بن شرحبيل ويا جبار بن قيص قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا الا عن رأيي ، واني والله أرى أمرا مقبلا ، وأرى والله ان كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنا أول العرب طعنا في عيثه وردا عليه أمره ، ولا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبونا بجائحة ، واني لأرى القرب منهم جوارا ، وان كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلا عناه فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر الا هلك. فقال له صاحباه :فما الرأي؟ فقد وضعتك الأمور على ذراع ، فهات رأيك. فقال : رأيي أن أحكمه ، فاني أرى الرجل لا يحكم شططا أبدا. فقالا له : أنت وذاك.
فلقي شرحبيل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : اني قد رأيت خيرا من ملاعنتك. فقال : وما هو؟ قال شرحبيل : حكمك اليوم الى الليل وليلته الى الصباح ، فمهما حكمت فينا فهو جائز. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لعل وراءك أحدا يثرب عليك؟ فقال شرحبيل : سل صاحبي. فسألهما فقالا : ما يرد الوادي ولا يصدر الا عن رأي شرحبيل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كافر ـ أو قال جاحد ـ موفق. فرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يلاعنهم ، حتى إذا كان من الغد أتوه فكتب له هذا الكتاب :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله صلىاللهعليهوسلم لنجران ، إذ كان عليهم حكمه في كل ثمرة وفي كل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق ، فأفضل عليهم ، وترك ذلك كله على ألفي حلة ، في كل رجب ألف حلة ، وفي كل صفر ألف حلة ، أو قيمة كل حلة من الأواقى ، ما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبحساب ، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ