سقىٰ الله حيّاً من تميم بقدر ما |
|
شربنا بأيديهم من النائل الغمرِ |
هُمُ أوْطَأُونا ساحة العسرِ بعدما |
|
أَذَلّتْ خُطىٰ أقدامِنا عثرةُ العُسْرِ |
فلم تبلغ الْأُمُّ الرؤوم ببرّها |
|
بنيها مدىٰ ما أسلفونا مِن البرّ |
وفي سنة ٩٧٠ هـ عادَ الحكم في الدورق إلى السادة الموالي أُمراء المشعشعيّين ، وأصبح السيّد عبد المطّلب بن حيدر المشعشِعي والياً على الدورق ، وكان عالماً فاضلاً جليل القدر فقصده العلماء والْأُدباء ولجأ إليه المطارَدون مِن قبل حُكّام الظلم والجور .
ومن جملة اللاجئين إليه الشيخ عليّ بن أحمد ابن أبي جامع العاملي ، فإنّه فرَّ بأهله وعياله من بلاده جبل عامل بعد مقتل الشهيد الثاني رحمه الله خوفاً من الظالمين ، فأقام بكربلاء مدّة فوُشِيَ به ، فأمر السلطان العثماني بالقبض عليه وتسييره إليه ، فخرج الشيخ المذكور بأهله وعياله إلىٰ بلاد إيران ، وحينما وَصل الدورق رَحّب به المولىٰ عبد المطّلب والي البلد وأحسَن وفادته وأكرمه وصَرف رأيه عن بلاد العجم ، وحسَّن له الإِقامة في الدورق والإِفادة والتدريس وخدمة العلم ونشر مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فقبل الشيخ وقام هو مع بقيّة أهل العلم وبمساندة الوالي بالإِرشاد والتدريس ، فكان حصيلة ذلك أن تخرّج على أيديهم نخبة صالحة من العلماء والْأُدباء ، أحدهم العلّامة الجليل المولى خلف بن والي الدورق ، صاحب التأليفات النفيسة في الحديث والأدب والمنطق وسائر الفنون العلميّة .
وأخذ العلماء والْأُدباء يتوافدون على الدورق فيحظون بالترحيب والإِكرام من قبل الولاة ممّا يحبّب لهم السُّكنىٰ فيها ، حتّى أصبحَ البلد حافلاً بالعلماء والْأُدباء والشعراء ، وظهر الإِنتاج العلمي والأدبي ، وكثرت التصانيف ، وازداد عدد المجالس العلميّة والأدبيّة من بداية القرن الحادي عشر فما بعد ، وتد ظهرت في تلك الفترة شخصيات علميّة كثيرة ، كما عُرفت عدّة بيوتات بالعلم والفضيلة من السادة المشعشعيّين ، ومن غيرهم من العلويّين والطريحيّين والكعبيّين ، وغيرهم ؛ ذكرتُ جُملةً منهم في كتابي « الياقوت الأزرق في أعلام الحويزة والدورق » .