وقد أُسِّست في الدورق عدّة مدارس ، أشار السيّد عبد الله الجزائري إلى بعضها في كتابه « الإِجازة الكبيرة » وأشار في الضمن إلى بعض أساتذتها ومدرّسيها ، وذكر أنه تلقّى بعض العلوم فيها ، ومن جملة تلك المدارس ( المدرسة الإِبراهيميّة ) في القرن الثاني عشر ، التي لا تزال بعض مخطوطاتها موجودة في المكتبات الكبيرة كما في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران .
وبفضل تلك الحركة العلميّة والأدبية خلّد علماء الدورق وأُدباؤها آثاراً قيّمة في شتّى مجالات العلم والأدب ، وأفاضوا على الأدب العربي فضلاً بطابعٍ شيعيٍّ يستحقُّ المزيد من العناية والتقدير ، فلو لاحظنا ( البند ) وهو نموذج من الأدب العربي الشيعي ، لوجدنا أنّ أكبر شعرائه وأجودهم وأكثرهم نظماً فيه هو العلّامة الأديب السيّد علي ابن باليل الدورقي ، المتوفّى حدود سنة ١١٠٠ هـ ، وقد بلغ الذروة في هذا النوع من الأدب الذي ولد ونشأ في الأوساط الأدبية الشيعيّة ، كما أنّ تصنيفه الموسوم بـ « المستطاب » في شرح كتاب النحو لسيبويه المعروف بـ « الكتاب » يبيّن لنا مدىٰ اهتمام علماء هذا البلد باللغة العربيّة وحرصهم على كشف غوامضها ومعرفة أسرارها ، وكذلك كتابه الموسوم بـ « قلائد الغيد » له مرتبة سامية في الأدب العرفاني الرفيع .
كما أنّ للشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي ، المتوفّى سنة ١١٣٠ هـ عدّة آثارٍ أدبيّة هي خير شاهد على مستوى الأدب في هذا البلد .
وقد اعترف المستشرق الألماني بروكلمان في كتاب « تاريخ الأدب العربي » بحقّه واعتبره من روّاد الأدب العربي ، وأشار إلى آثار الأدبيّة الممتعة في مكتبات الغرب .
كما أنّ شرح الشيخ جمال الدين بن إسكندر الدورقي ، المتوفّى حدود سنة ١١٥٠ هـ ، على نهج البلاغة للإِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فيه دلالة واضحة على مكانة الأدب العربي ومِقامه ، ومدىٰ اهتمام علماء الدورق به آنذاك .
وهذه
الآثار الأدبيّة وغيرها ، التي لا تزال مبعثرةً في شتّى أنحاء العالم ، ما هي إلّا شيءٌ يسير من تُراث أدبيّ كثير خلَّفه لنا علماء الدورق ، وقد لعبت به أيدي