سبقه فني الماضين ولا لحقه في المتأخّرين شاعر عبّر عن ولائه وتفانيه في حبّ أهل البيت كما عبّر هو بذلك السبك الأدبي الرائع .
ولو فتّش المحقّق في أحوال علماء الدورق ، لَما وجد عالماً ينتسب إلى هذا البلد إلّا وله يد في الأدب بغضّ النظر عن مستواه في سائر الفنونِ العلميّة .
فمن يتصفّح كتب التراجم يرىٰ شخصيّاتٍ كبيرة منسوبة إلى هذا البلد قد امتزجت حياتهم بالأدب ، مثل العلّامة الكبير الشيخ محمد تقي الدورقي ، المتوفّى حدود سنة ١١٨٦ هـ ، فإنّه مع مستواه العلمي الرفيع ، ومرجعيّتِه العامّة آنذاك ، وكونه من أساتذة العلّامة السيّد بحر العلوم رحمه الله ، فإنّه كان يحضر الندوات الأدبيّة في النجف الأشرف ويُساهم في معركة الخميس الشعريّة ويُحكّم فيها .
ويظهر لي أنّ هناك روحاً أدبيّة شبه وراثيّة في بعض البيوتات العلميّة ، يتوارثها الأحفاد عن الآباء عن الأجداد إلى عدّة ظهور حتّى ينقرض المتّصفون بالعلم من تلك الْأُسرة ، كما كانت أُسرةُ العلّامة الجليل الشيخ أحمد المحسني الفلاحي ، المتوفّى سنة ١٢٤٧ هـ ، فإنّ هذا العالم الفقيه مع إحاطته وتبحّره في الفقه وسائر العلوم الإِسلاميّة ، له ديوان شعر حسن طافح بحبّ أهل البيت وولائهم ، وكذلك ابنه العلّامة الشيخ حسن الفلاحي ، المتوفّى سنة ١٢٧٢ هـ ، فإنّه من كبار أُدباء زمانه وله ديوان شعر جلّه في أهل البيت عليهم السلام .
وقد سَرَت هذه الروح الأدبيّة إلى ولديه الشيخ موسىٰ والشيخ محمّد ابنَي الشيخ حسن ، ففاقا أباهُما وجدّهما في المجال الأدبي ، ولكلٍّ منهما ديوان شعر يفوح منه شذا التشيّع الخالص الذي لا يشوبه كدر ولا تمويه .
وعلى هذا نشأ وشبّ خَلُفهم العالم الجليل الشاعر الأديب الشيخ سلمان بن محمّد بن حسن بن أحمد المحسني الفلاحي ، المتوفّى سنة ١٣٤٠ هـ ، ففي شعره ومخطوطاته الأدبيّة دلالة جليّة على مقامه الأدبي الرفيع هذا .
وقد
كان الجدّ الأعلى لهذه الْأُسرة ، أي الشيخ أحمد المحسني ، من أهل الأحساء فخرج بأهله وعياله فارّاً من الأحساء على أثر ظلمِ الوهّابيّين ومطاردتهم