ومع أنّ العوانَ يعبّر عن صِدْق كون الكتاب «مقدّمةً» لعلم اُصول الدين ، إذ هو يتكفّلُ شرحَ المصطلحات المستعملة في ذلك العلم ، وبدون هذا الشرح لا يُمكن تحصيل مسائله ومعارفه ، فهو بحقٍّ «مقدّمة لِلاُصول».
إلاّ أنّ الشيخ لم يقتصر على هذه المقدّمة ، وإنّما أدرجَ في الكتاب بحوثاً عن نفسِ الاُصول أيضاً ، فذكر الأدلّة على كلّ القضايا الأساسيّة في العلم.
وقد هدفَ الشيخُ المفيدُ إلى نفس الهدف الذي ذكره الشيخُ الطوسيّ بأفضل شكل ، مع أنّ كتابه يتميّز باُمور :
فأولاً : قد جعله الشيخُ على أبسط شكل ممكن وأوضحه ، توصّلاّ إلى ما أشار إليه في ديباجته من «إرشاد المبتدئين» فعبارتُه واضحة تناسب مدارك الناشئين الذين يطلبون هذا العلم ، خالياً من التعقيد والغموض.
وثانياً : وضعه الشيخُ على شكل محاورات بين السائل والمجيب ، فيطرح سؤالاً بعنوان : «إن قالَ» ويُجيب عليه بعنوان : «فقلْ» ويتمتّع هذا الاُسْلوب من الفوائد التربويّة للناشئين ما يوحي إليهم بواقعيّة المعلومات المطروحة على ساحة الحوار ، ويتميّز بحيويّة التجاوب ، مالا يخفى أثره.
وثالثاً : إنّ الألفاظ المشروحة مرتّبة على حَسَب ترتيب الأبواب والبحوث المعروضة في المناهج والكتب الكلاميّة ، حيث بَدأَ بتعريف «النظر ، والدليل ، والعقل ، والعلم ...» وهي المستعملة في الأبواب الاُولى ، ثم يتدرّج مع الأبواب والبحوث حتى المعاد.
والمؤلّفات التي وُضِعَتْ لتوضيح المصطلحات ـ ومنها الكلاميّة ـ كثيرة في التراث الاسلامي ، إلاّ أنّ الأعمال الشيعيّةَ القديمة في هذا