بالإجماع في صلاتي الظهر والعصر بعرفات. انتهى.
هذا ، مع أن حديث ابن عباس وغيره ، بل حديث ابن مسعود نفسه في الجمع بالمدينة حجة عليه ، فلا يصح بوجه ـ فضلا عن أن يتعين ـ حمله على الجمع الصوري بتوهم أنه قرينة معينة للمراد من الجمع هنا ، إذ هو كسائر أحاديث الباب في ظهوره في الجمع الحقيقي وعدم إبائه الحمل عليه.
وما ذكره من نفيه مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة ـ على تقدير الأخذ به ، وقد عرفت ما فيه ـ مفهوم ، وقد عارضه منطوق فيقدم عليه ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بجواز الجمع ، والله تعالى أعلم.
هذا ، وما في (مرقاة المفاتيح) (٧٢) ـ نقلا عن ابن الهمام الحنفي ـ من أنه على تقدير التنزل في ثبوت المعارض ، يترجح حديث ابن مسعود بزيادة فقه الراوي ، وبأنه أحفظ ، مردود بأنه لا تعارض بين حديث ابن مسعود في جمع المزدلفة وبين أحاديث الجمع في الحضر ، لأنه فرع التكافؤ ولا تكافؤ.
ولو سلمناه ، فإن حديث الجمع بالمدينة مروي عن حبر الأمة ابن عباس ـ رضوان الله عليه ـ وثلة من الصحابة ـ كما مر ـ وهو أفقه وأحفظ من ابن مسعود قولا واحدا ، لا سيما وقد اقترن فعله بقوله ، وحسبك تقرير أبي هريرة وتصديقه له عاضدا ومرجحا ، فضلا عما رواه هو أيضا من الجمع بالمدينة كما تقدم عن مسند البزار ، فالترجيح في هذا الجانب دون ذاك.
مضافا إلى أن ابن مسعود أيضا روى حديث الجمع بالمدينة ـ كما عرفت فترجيح أحاديث الجمع بالمدينة متعين بلا شبهة ولا ريب ، والله المستعان.
ولو فرض العموم في أحاديث المواقيت ، فإن فعل الصحابي العادل العالم بخلاف العموم بعد العلم به مخصص عند الحنفية والحنابلة ـ كما صرح
__________________
(٧٢) مرقاة المفاتيح ٢ / ١٩٩.