نشره : فستنفلد ، في ١٨٥٧ ـ ١٨٦٠ م) ، ومقتطفات محدودة في السيرة من بعض كتب التاريخ الأخرى!
وهكذا الحال بالنسبة لتراث الفقه الإسلامي وأصوله العظيم ، الذي يقع في مئات المجلدات ، والذي عبر عن عظمة الشريعة ، وقدرة الإسلام الفائقة في تنظيم المجتمع وإدارته ، لكن المستشرقين لم ينشروا سوى بضع رسائل ثانوية منه ، في مطلع هذا القرن ، نشرها الألماني شاخت ، في التفرة من ١٩٢٣ ـ ١٩٣٣ م.
إن التفسير وعلوم القرآن الكريم ، والسنة الشريفة وعلومها ، والسيرة الطاهرة ، الفقه ، إن هذه العلوم تمثل الروح الحقيقية لتراثنا المجيد ، وتجسد المعالم الأصيلة لشخصية الأمة المسلمة ، وتكشف عن منابع القوة في هذه الشخصية ، وتبرز رصيدها الهائل من منجزات حضارية عظمى ، وما تمتاز به على سائر الأمم من عقيدة نقية قائمة على الفطرة ، ومن قيم وأخلاق كريمة تفوقت بها على سائر المجتمعات البشرية على طول التاريخ ، وقضت بها على نزعة البربرية والظلم والعدوان ، التي كانت وراء كل الانتهاكات لحقوق الإنسان في التاريخ.
إن المستشرقين حين يتجاهلون هذا التراث الخالد ، مع توفره بكثافة في خزائن الكتب لديهم ، ويعمدون إلى تحقيق وترجمة ونشر الكتب العربية الأخرى ، إنما يقومون بذلك ، وهم على وعي تام بطبيعة الدور الخطير الذي يضطلعون بأدائه ، في تشكيل صورة مزيفة للقرآن ، والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن ثم الإسلام ، في العقل الغربي ، عندما يستلهمون هذه الصورة من بعض كتب التاريخ ، وتاريخ الفرق الإسلامية ، ودواوين الشعر ، ويركزون على انتزاع بعض الشطحات ، والمواقف الماجنة الشاذة ، والسلوكيات المنفرة ، والأساطير ، والإسرائيليات ، فيسلطون عليها الأضواء ، ويكثرون الحديث عنها ويسعون لتعميمها ، والتأكيد على أنها تعكس طبيعة الإسلام