لكنه يقول :
|
(إن الملابسات التي تعرضت لها في العصر الإسلامي الأول ، والخلافات التي قامت حول تدوينها ، وحول ما دون منها ، أضعفت من قيمتها التشريعية ، وقدرتها على جمع كلمة المسلمين حول شريعة واحدة غير مختلف عليها مضافا إلى السلبيات الأخرى التي ذكرناها ، والتي تجعلها واهية عن الوفاء بالحاجات الاجتماعية لعصرنا). |
إذا كانت (السنة) حجة معترفا بها على الأحكام ، في مجملها ، فلن تكون الخلافات في الخصوصيات موجبة لرفع اليد عن حجيتها بقول مطلق ، ومحاولة إسقاطها وحذف مهمتها الأساسية ، بل إن وجود الخلافات يدعو إلى اتخاذ أدوات وقائية بدقة أكبر لتحديد ما يجب توافره للتأكد من (السنة).
فليس وجود الخلافات مؤديا إلى تضعيف قيمة السنة ، بل مؤد إلى التثبت والتأكد من وجودها.
وأما الجمع بين كلمة المسلمين ، فلم تتخلف إلا من فعل المسلمين وتركهم للعمل بالشريعة ، وبعدهم عن مصادر الإسلام وفكره ، وكذا العوامل الخارجية التي عرضت في تاريخهم ، وفعل الاستعمار البغيض والغرب الحاقد ، ببث بذور الفرقة والخلاف بينهم ، وليس من فعل هذا المصدر أو ذاك حتى يشكك في حجيته ، وهذا القرآن ـ وهو لا ريب فيه ـ ولا يمكن حتى للمؤلف التشكيك في حجيته وقيمته التشريعية ، فهل يقال في حقه إنه لم يكن قادرا على جمع كلمة المسلمين على شريعة واحدة ، فالعجز ليس في السنة كما ليس هو في القرآن ، وإنما في المسلمين الذين يدعون الانتماء إلى هذا الدين.
إن تخلف أمة ما عن العمل بالقانون ، أو التكاسل عن تطبيقه ، أو القصور في فهمه ، أو التقصير في العمل به ، ليس من عيب القانون نفسه ، كما أن عدم معرفة سياقة السيارة المجهزة ، ليس من عيب السيارة ، بل من جهل السائق.